أنها تُؤْمَر بتَرْك الصوم والصلاة، ثم إن انقطع قبْل أن تَبْلُغ أول الحيْض، ولم يعد إلى خمسة عشر، فتبين أن الطلاق لم يَقَع، ونظْم الكتاب يقتضي ترجيح الوَجْه الأول، وإلى ترجيحه ذَهَب الإِمام، وقال تفريعاً علَيْه إذا رأت الدم، فهل يجب التحرُّز عن الاستمتاع بها؛ ناجزاً؟ هذا بمثابة ما لو قال: إن لم تكوني حاملاً، فأنتِ طالقٌ، وقد مر حكمه، والأظهر في المذهب الوجْهُ الثاني، ولم يورد الجمهورُ سواه وإذا قال: إن طهرت أو إذا طهرت فأنْتِ طالقٌ، طُلِّقَت في أول الطهر، ولو قال: إذا طَهُرْتِ طهراً واحداً، قال الحناطي: تُطلَّق إذا انقضى الطُّهْر، ودخلت في الدم، وحكى وجهاً آخر أنَّها تطلَّق إذا مضى جزءٌ منه، ثم قوله:"إن حضت" أو "إذا حضت" يقتضي التعليق بالحيضة المستقبلة، حتى لو كانت حائضاً في الحال، لا يقع الطلاق حتَّى يَطْهُر ثم تحيض، ولو قال، والثمار مدركة: إذا أدركتِ الثمار، فأنتِ طالقٌ، فهذا تعليق بالإدراك المستأنف في العام المقبل وعلى هذا قياسُ سائِرِ الأوصافِ إلاَّ أنَّه سيأتي في باب الأيمان، إن قَدَّر الله -تعالى جَدُّه- أن استدامة اللُّبْس والركوب لبس وركوبٌ، فليكن الحُكْم كذلك في الطلاق.
وفي "الشامل" و"التتمة" وجه آخر أنه: إذا استمر بها الدَّمُ بعد التعليق ساعةً، يقع الطلاق، ويكون دوام الحيض حيضاً.
ولو قال: كلَّما حِضْتِ، فأنتِ طالقٌ، طلِّقَتْ ثلاثاً في أول ثلاث حِيَض مستقبلة، وتكون الطلقات بدعيَّةً، ولو قال: كلَّما حِضْتِ حيضة، فأنتِ طالقٌ، طلِّقَتْ ثلاثاً في انتهاء ثلاث حيض مستقبلة، ويكون الطلقات سُنّيِّةٌ.
ولو قال: إِن حضْتِ حيضةً، فأنت طالقٌ، ثم إن حضْتِ حيضتين، فأنتِ طالقٌ، فإذا حاضت حيضَةً وقعت طلقة، فإذا حاضت أخرى، تحقَّقَت الصفة الثانية، فتقع طلقة أخرى؛ لأن كلمة "ثم" تُشْعِر بالتعليق بحيضتين غير الأولى.
ولو قال: كلما حِضتِ حيضةً، فأنت طالقٌ، وكلما حِضْتِ حيضتين، فأنتِ طالقٌ، فإذا حاضت حيضةً طُلِّقت، وإذا حاضت حيضةً أخرى، طُلِّقت طلقةً ثانية، لاْنها حاضت حيضةً مرَّة أخرى، و"كلما" تقتضي التكرار، وطلقة ثالثة؛ لأنَّها حاضت حيضتين.
فرع: قال لامرأتيه إن حضتما حيضةً، فأنتما طالقان، ففيه وجهان:
أحدهما: أنه لغو، يُطلَّقان، وإن حاضتا، لأنَّهما إذا حاضتا، حصَلَت حيضتان ويستحيل أن تحيضا بحيضة واحدة.
وأظهرهما: أنَّه لا يلغو، ثم اختلف الناقلون، فقال الإِمام: يُحْتمل أن يُرَاد به؛ إذا حاضَتْ كل واحدة منهما حيضةً، إذ هو السابق إلى الفَهْم منْ مثل هذا اللفظ، فيُنَزَّل عليه، تصحيحاً للكلام الذي ذكره الشيخ أبو حامد، وصاحب,"التهذيب""والمهذَّب" أنَّه