للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حرَّةٌ، وامرأتي طالقٌ، فقالت: ولدتُ، عَتَقَتْ هِيَ، ولم تُطلَّق المرأة، ولو قال لها: إذا وَلَدتِّ، فامرأتي طالقٌ، وولدك حرٌّ، وكانت حاملاً بولد مملوك، لم تُطلَّق المرأة، ولم يُعْتق العبْد بقولها ولدت؛ لأن كل واحدٍ منهما تتعلقَّ بحق الغير.

ذكر القفَّال تفريعاً على أنَّه لا يُقبل قولها "زنَيْتُ" إذا علِّق الطلاق بزناها، وبه أجاب أنَّه ليس لها تحليفه على أنَّه لا يَعْلَم أنها زَنَتْ، ولكن إذا ادَّعتْ حُصُول الفراق بينهما فيحلف على أنَّه لم تقع الفرقة، ولا يَعْلَم أنها زنَتْ، وكذا في التعليق بالدخول وسائر الأفعال.

وإذا قال لامرأته إن رأيتِ الدم، فانتِ طالقٌ، فعن أبي العباس الرُّويانيِّ وجهان:

الظاهر منهما: أنَّه يُحْمَل على دم الحيْض؛ لأنه المراد في العادة.

والثاني: بأنَّه يحمل على كل دم؛ رعايةً لحقيقة اللفْظ، وإذا قلنا بالأول، فلا يُعْتبر رؤيتها حقيقة، بل المعتبر العِلْم، كما في التعليق برؤية الهلال.

وذكر إسماعيل البوشنجي: أنَّه لو قال: أنتِ طالقٌ ثلاثاً في كل حيض طلقةً، وهي حائضٌ في الحال، فالذي يقتضيه ظاهر اللفْظ أنَّه يقع طلقة في الحال، وطلقةً في أول الحيض الثانية أخرى في أول الثالثة، وأنه لو قال: إذا حضْتِ نصْف حيضة، فأنْتِ طالقٌ، وعادتها ستَّة أيَّام مثَلاً، فإذا مضَى ثلاثة أيام، يقضي (١) بوقوع الطلاق على ما يقتضيه ظاهِرُ اللفْظ.

وأنه لو قال: أنتِ طالقٌ قبل أن تَحِيضِي حيضةً بشَهْر فرأت الدم بعْد شهْر على عادِتها المستمرة، تطلق في الحال أو بعْد مضيِّ يوم وليلة، يخرج على قولَىْ تقابل الأَصْل والظاهر، وهذا هو الخلاف الَّذي أسلفناه في أنَّه إذا قال: إذا حِضْتِ فأنت طالقٌ، يحكم بوقوع الطلاق بأول رؤْيَة الدم [أو] (٢) لا يُحْكَم به حتَّى يمضي يوْم وليلة، والمستفاد منه تخريجُه على الأصْل المذكور.

وذكر الإِمام إشكالاً على القَوْل بوقوع الطلاق فيما إذا علَّق طلاق امرأته علَى حَيْضها، أو حيض غيرها فقالَتْ: حضْتُ وصدَّقها، وقال: بم يَعْرِف الزوج صدْقَها، وكيف يُحْكَم بوقوع الطَّلاق بقوله صَدَقَتْ، وليس ذلك إقراراً بوقوع الطلاق حتَّى يؤاخذ به، ونهاية الأمر أنَّه قد يَغْلب على ظنه صدقها بقرائن ومخايل تدل عليْه، ومعلوم أنَّه لو قال: سمعْتُها تقول: حضْتُ، وأنا أُجَوِّز صدْقَها، وكذبِهَا، وغالب ظَنِّي صدْقُها، لا يُحْكَم بوقوع الطلاق، فليكن كذلك إذا أطلق التصديق، لأنَّه لا مستَنَد له إلا ذلك،


(١) في ز: يعتقني.
(٢) في أ: و.

<<  <  ج: ص:  >  >>