[الطلاق فأنتِ طالقٌ فقالت رضيت أو أحببت أو أردت وقع الطلاق، ولو قالت الصورة هَذِه "شِئْت" قال البوشنجي: لا ينبغي أن يقضي بوقوع الطلاق، وكذا لو قال: إن شِئْتِ فقالت: أحببت أو هَوِيتُ؛ لأن كلَّ واحد من لَفْظَي المشيئة والمحبة يقتضي ما لا يقتضيه الآخَرُ؛ ألا ترى أنَّه يقال الإنسان يشاء دخولَ الدار، ولا يقال: يُحِبُّه، ويحبُّ ولده، ولا يسوَّغ لفْظُ المشيئة فيه.
وذكر أنَّه لو قال: لامرأتيه إن شئتما، فأنتما طالقان، فشاءت كلُّ واحدة منهما طلاق نفْسها، دونَ ضرَّتها، فالقياس وقوعُ الطَّلاق من جهة أن المُبْتَدر إلى الفهْم منْه تعليقُ طلاق كل واحدة منهما بمشيئتها طلاقَ نفسها لا غير؛ لأن الظَّاهر أن الإنسان يُعلِّق طلاق امرأته، على مشيئتها لا على مشيئةِ الضرة، وفي "التتمة" ما يتنازع في ذلك، ويقتضي تعليق طلاقِ كل واحدة منهما بالمشيئتين.
وأنه لو قال: أنتِ طالقٌ إلا أن يَرَى فلان غيْر ذلك، أو إلا أن يشاء أو يريد غَيْر ذلك أو إلا أن يبدو لفلانٍ غَيْر ذلك، فلا يقع الطلاق في الحال، بل يُوقَف الأمر على ما يَبْدو من فلان، ولا يختص ما يَبْدو منْه بالمجلس، وإذا مات فلانٌ، وفات ما جَعَله مانعاً من وقوع الطلاق تبيَّن وقوع الطلاق قُبَيْل موْتِه.
وأنه لو قال: أنتِ طالقٌ، إن لم يشأ فلان، فقال فلان، لم أشأْ، يقع الطلاق، وكذا لو قال إن لم يَشَأْ فلان: طلاقك اليوم، فقال فلان: في اليوم لا أشأ، يقع الطلاقُ، لكن قياس التعليق ينفي الدخولَ، وسائرُ الأفعالِ أن يقال: إنَّه، وإن لم يَشَأْ، في الحال، فقد يشاء من بعد، فلا يقع الطلاق، إلا إذا حَصَل اليأس، وفاتت المشيئة، وفي صورة التقييد باليوم، لا يقع إلا إذا مضى اليوم خالياً عن المشيئة، ويجوز أن يوجَّه ما ذَكَره بان قوْلَه "أنْتِ طالقٌ إن لم يشأْ فلانٌ" محْمولٌ على التعليق بتلفُّظه، بعَدَم المشيئة كما حمل قوله: أنْتِ طالقٌ على التعليق بتلفظه بالمشيئة، وإذا كان كذلك، فإذا قال: لم أشأْ, يتحقَّق الوصْفُ بوقوع الطلاق، وأنَّه لو قال: أنْتِ طالقٌ، إن شئْتِ أو أبيتِ فقضيَّة اللفْظ وقُوع الطَّلاق بأحد الأمرين، إما المشيئة أو الإِباء، كما لو قال: أنتِ طالقٌ إن قمت أو قعَدتِّ، ولو قال: أنتِ طالقٌ شِئْتِ أو أَبَيْتِ وقَع الطَّلاق في الحال، ولا تعليق هاهنا، وفي "التهذيب" أنَّه لو قال: أنتِ طالقٌ كيْف شئت، فعن أبي حنيفة؛ أنَّه يقع (١) الطَّلاق شاءت أو لم يشأ وبه قال أبو زيد والقفَّال، وعن أبي يوسف ومحمَّد؛ أنَّه لا يقَع حتَّى توجد مشيئة في المجلس، إما مشيئة أن تطلَّق أو مشيئة أن لا تطلَّق، وهو اختيار الشيخ أبي عليٍّ، وقال صاحب "التهذيب" وكذا الحكم لو قال: أنتِ طالقٌ على أىِّ وجه