للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تحرم القبلة واللمس بالشهوة وسائر الاستمتاعات؟ فيه قولان، ويُقَال وجهان:

أحدهما: نعم؛ لأنها تدْعو إلى الوطء، وتفضي إليه؟ ولأن لفْظ الظِّهار لفْظٌ يوجب تحريم الوطء، فيحرم سائر الاستمتاعات، كالطلاق، وأيْضًا فقوله: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: ٣] يشْمَل الوطء والاستمتاعات، وبهذا القول قال أبو حنيفة ومالك.

والثاني: المنع لأن الظِّهار معنى لا يخل بالملك، فأشبه الصوم والحيض، ولأنه وطء حرام، لا يتعلق به مال ولا تشاركه في التحريم مقدماته؛ كوطء الحائض.

والقصْد بقولنا "لا يتعلَّق به مال" الاحْترازُ عن وطء المحرم وقوله تعالى: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: ٣] محمولٌ على الوطء كقوله تعالى: {مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} [الأحزاب: ٤٩] وعن أحمد روايتان كالقولين وما الأظهر من الخلاف؟، قال ابْن الصَّبَّاغ والإمام وصاحب "التتمة" إلى ترجيح التحريم.

والأكثرون رجَّحوا القول الآخر؛ يؤيِّده أن التحريم منسوبٌ إلى القديم، ومقابل إلى الجديد، وحكى القاضي ابن كج طريقةً [أخرى] (١) قاطعةً بعدم التحريم، ثم عد الإِمام هاهنا الصُّور التي يحرم فيها القُبْلة وسائر الاستمتاعات مع الوطء، والصور الَّتي يختص فيها التحريم بالوطء، فقال: ما يحرم الوطء، لتأثيره في الملك، كالطلاق الرجعي وغير الرجعي والردة.، فإنه يحرم كل استمتاع، وكذا لو حَلَّت الأَمَّةُ للغير كالأمة المزوَّجة أو حرم الوطء لاستبراء الرَّحِم عن الغير، كالمعتدة عن وطء الشبهة في صلْبِ النكاح، يحرم الاستمتاع، وكذا المستبرأة بِمِلْك اليمين بشراء ونحوه؛ لأنَّها لو كانَتْ مستولدة الغَيْر، كانت محرَّمة من كل وجه.

وما يحرم الوطء بسبب الأذى، فإنه لا يحرم كلُّ استمتاع.

وأمَّا العِبَادَات المحرَّمة للوطء؛ فالإحرامُ (٢) يُحَرِّم كل استمتاع تعبُّدًا (٣)، والصَّوْم والاعتكاف يحَرِّمانْ كلَّ ما يُخْشَى منْه الإنزال؛ لتأثرهما بالإنزال، فإذا قلْنا في الظهار: لا تحرم القبلة واللمس، ففيما بين السُّرَّة والركبة احتمالان: أقواهما: أنَّه على الخلاف في حقِّ الحائض، والثاني: أنه كسائر الاستمتاعات، والاحتمالان مبنيَّان على أن التحريم في


= أن كفر، قال: كفر، ولا تعد، وفي الباب عن سلمة بن صخر عند الترمذي أيضًا باختصار، ولفظه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في المظاهر يواقع قبل أن يكفر، قال: كفارة واحدة، وقال: حسن غريب، وبالغ أبو بكر بن العربي فقال: ليس في الظهار حديث صحيح.
(١) سقط في ز.
(٢) في أ: كالإحرام.
(٣) وحكى القاضي الحسين في الأسرار عن القفال أنه يحرم على المحرم النظر إلى زوجته والخلوة بها إذا كان يخشى منه الوقوع في الحرام.

<<  <  ج: ص:  >  >>