شهادة النساء المتمحِّضات، فإن لم تكن بيَّنة، فلها تحليفه (١)، فإن نَكَل، فعلى ما سنذكر في التفسير الخامس.
والخامس: أن يقول: إنَّها لم تلِدْه، بل هو مستعار أو لقيط، فلا قذف، والقول قوله مع يمينه في نفي الولادة، وعليها البينة، فإن لم يكن بيِّنة، فهل يُعْرض معها على القائف؟ فيه وجهان مذكوران في موضعهما؛ لأن الولادة محسوسةٌ يمكن إقامة البينة عليها؛ فلا يعتمد فيها على حسبان القائف، بخلاف جانب الرَّجُل، فإن قلنا: نعم، وألْحَقَه القائف بها، التحق بالزوج، واحتاج في النَّفيِ إلى اللعان، وإن قلْنا: لا يعرض عليه أو لم يلْحَقه بها أو أشكل علَيْه أو لم يكن قائفٌ، فيحلف الزوج؛ أنه لا يَعْلَم أنها ولدته، فإن حلف، انتفى عنه وفي لحوقه بالأم الوجهان المذكوران في "باب اللقيط"؛ في أن ذات الزوْج هل يلحقها الولد بالاستلحاق؛ وإن نكل الزوج، فالنص أنه تُرَدُّ اليمين عليها، ونص فيما إذا أتَت بولد لاكثر من أربع سنين؛ وادعت أن الزوج كان قَدْ رَاجَعها أو وطئها بالشبهة، وأن الولد منه، وأنْكَر الزوج، ونَكَل عن اليمين المعروضة عليه؛ أنه لا تُرَدُّ اليمين على المرأة، فمن الأصحاب من جَعَلَها على قولَيْن، نقلاً وتخريجًا، ومنهم مَنْ أخذ بالنصين، والفرق أن في صورة دعوى الاستلحاق الفراش قائم، فيتقوى به جانبها، وفي صورة دعوى المراجعة، ووطء الشُّبْهة الفراشُ مرتفع، فهي تدَّعِي شيئاً حادثًا، والأصل عدمه، فلم تُرَد اليمين عليها؛ لضعْف جانبها، والظاهر هاهنا الرد، وإن ثبت الخلاف، وإذا قلْنا بالرد، فإن حلَفَتْ، لحقه الولَدُ، وإن نكلت، فهل يوقف الأمْرُ، حتى يبلغ الصبيُّ ويحلف؟ فيه وجهان أو قولان؛ أخذا من الخلاف فيما لو أقر الراهن بأن العَبْد المرهون كان قد جنى قبل الرَّهْن، وقلنا: إن القول قولُ المرتهن، فأنكر، ولم يَحْلف، ونَكَل الراهن أَيْضًا، هل ترد اليمين على المجنيِّ علَيْه؟ وجهان:
أحدهما: أنه يوقف حتى يبلغ، فيحلف؛ لأن الحَقَّ له.
والثاني: لا يوقف وليس له أن يَحْلِف؛ لأن يمين الرد لا تُرَدُّ، فإن قلنا يوقف، فحلف بعد البلوغ، لحق، وإن نكل، أو قلنا: لا يوقف، انتفى الولد عنه، وفي لحوقه بها الخلاف السابق.
الصورة الثانية: إذا قال للولد المنفيِّ باللعان: لسْتَ ابن فلان، يعني المُلاعِن، فهذا ليس بصريح في قَذْف أمه؛ لتردُّده، واحتماله، بل يُسْأل؛ فإن قال: أردتُّ تصديق
(١) سكت عن كيفية تحليفه، وحكى في الحاوي وجهين أحدهما يحلف أنه ليس منه. والثاني: يحلف أنها ولدته لزمان ويستحيل كونه منه. قال: وعلى الوجهين لا يتعرض لكونه من الزوج الأول فإذا حلف انتفى عنه باللعان، وان نكل حلفت بالله أن هذا الولد منه ما هو من غيره وجهاً واحداً بأنها في ذلك على يقين. انتهى.