للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه التغليظاتُ تجبُ أم تُسْتَحب؟

أما بالمكان ففيه قولان:

أحدهما: أنه يَجِب؛ لأن اللعان في عَصْر رسُول لله -صلى الله عليه وسلم- كذلك جَرَى، فأشبه العدَدَ في لفظة الشهادة.

وأصحُّهما: الاستحبابُ كتغليظ اليمين بتعديد أسماء الله تعالى، وفي التغليظ بالزمان والجمع طريقان.

أحدهما: طرد القولين.

والثاني: القطع بالاستحباب، وطريقة القولَيْن في الزمان أظْهَرُ، والقطع في الجَمْع أظهرُ، وعن ابن القاصِّ: القَطْع بالاستحباب في المكان أيضاً، فيجوز أن يُعْلَم قوله في التغليظ بالمكان "قولان" بالواو، وعند أبي حنيفة: لا تغليظ بالمكان، ولا الزمان، ولا الجَمْع، وربَّما يُحْتَاج إلى إعادة هذه الصُّورة في الدعاوى والبينات، ثم في الفَصْل صُوَرٌ تخلَّلَت في نظْم الكتاب المَسَائِلَ المذْكُورة.

إحداها: مَنْ لا يَنْتَحِل ديناً كالزنادقة، والدهرية، هل يُغَلَّظ على من يلاعن منهم بالوجوه المذكورة فيه وجهان:

يوجه أحدهما (١) بأنه لا يعظم بقعة ولا زماناً فلا يؤثر التخصيص في زجره (٢).

والثاني: يُغَلَّظ عليه؛ لتناله عقوبة اليمين الفاجرة بصفَةِ التَّغْليظ، وشيْء منْها، وقد (٣) وَرَد أنَّ اليمين الفاجرةَ تدَعُ الديار بَلاَقِعَ، وهذا كما أنه يُغَلَّظ عليه في أصْل


(١) قيل ما فسَّرَ به الزنديق هنا مخالف لما ذكره في باب الجماعة وباب الردة وغيرهما أنه الذي يظهر الإسلام ويخفي الكفر، قال في الخادم: وهذا مردود بل لا يخالف، فإن الذي لا ينتحل ديناً يخفي حاله غالباً فيصح أن يقال يظهر الإسلام ويخفي الكفر بغير باعتبار ما يغلب منه، ويصح أن يقال ينتحل ديناً باعتبار عقيدته والدَّهري بفتح الدال، قال أهل اللغة: هو المعطل، قالوا: وإذا أريد السن، كان مضمون الدال.
(٢) في ز: حقه.
(٣) أخرجه البيهقي في [١٠/ ٣٥] الإسماعيلي في مسند حديث يحيى بن أبي كثير من طريق علي بن ظبيان، عن أبي حنيفة عن ناصح أبي عبد الله عن يحيى عن أبي سلمة عن أبي هريرة، وأخرجه صاحب مسند الفردوس من طريق محمد بن الحسن عن أبي حنيفة به في حديث، وذكره الترمذي وأعله بالإرسال، وأروده ابن طاهر بسند شامي من حديث أبي الدرداء، ورواه البزار من حديث عبد الرحمن بن عوف بلفظ: اليمين الفاجرة تذهب المال، وقال: لا نعلم أسند هشام بن حسان عن يحيى بن أبي كثير غير هذا الحديث، ولا نعلم رواه عن هشام إلا ابن علاثة، وهو لين الحديث، قلت: اختلف فيه علي أبي سلمة بن عبد الرحمن، فقيل هذا عنه عن أبيه، والأكثر =

<<  <  ج: ص:  >  >>