للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله "عند المَقَام" كذلك؛ لما قيل: إنه يَحْلف في الحِجْر، وكذا قوله "ويغلَّظُ على الزنديقِ"، وقوله "يلاعنان في المسجد".

قَالَ الغَزَالِيُّ: (وَأَمَّا السُّنَنُ) فَثَلاَثةٌ أَنْ يُخَوِّفَهُمَا القَاضِي بِاللَّهِ فَلَعَلَّهُمَا يَنْزَجِرَانِ* وَأَنْ يَكُونَ عَلَى المِنْبَرِ أَعْنِي القَاضِيَ عَلَى وَجْهٍ* وَالزَّوْجَ عَلَى وَجْهٍ* وَأَنْ يَأْتِيَهُ رَجُلٌ مِنْ وَرَائِهِ عِنْدَ الخَامِسَةِ فَيَضَعَ يَدَهُ عَلَى فِيهِ وَيِقُولَ لَهُ صَاحِبُ المَجْلِسِ: اتَّقِ اللَّه فَإنَّهَا مُوجِبَةٌ* وَالمَرْأَةُ تَأْتِيَهَا امْرَأَةٌ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: الفَصْل الثالث: في سُنن اللِّعان:

منها: أن يخوِّفهما القاضي بالله تعالى، وَيعظَهما، ويخبرَهُما أن عذاب الآخرة أشدُّ من عذاب الدنيا، ويقرأَ عليهما {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ [وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا]} الآيةُ، ويروى أنه -صلى الله عليه وسلم- (١) قال للمتلاعنَيْنِ: " حِسَابُكُمَا عَلَى اللَّهِ، أَحَدُكُمَا كَاذِبٌ، فَهَلْ مِنْكُمَا [مِنْ] تَائِب؟ "

ومِنْهَا: ذكرنا أن بالمدينةِ يُلاَعن عنْد المنبر، وهو لفظ الشَّافعيِّ -رضي الله عنه- في "المختصر" وقال في موضع آخر: يلاعن علي المنبر، وروي القطان عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- (٢) [فعن أبي هريرة أنه -صلى الله عليه وسلم-] قال: "مَنْ حَلَفَ عند مِنْبَرِي عَلَى يَمِينٍ آثمة، وَلَوْ بِسِوَاكٍ وَجَبَتْ لَهُ النَّارُ". وعن جابر -رضي الله عنه- أنَّهُ -صلى الله عليه وسلم- (٣) قال: "مَنْ حَلَف عَلَى مِنْبَرِي هَذَا بِيَمِينٍ آثِمَةٍ ثَبَوَّأَ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ"، واختلف الأصحاب في أن الملاعن هَلْ يَصْعَدُ المنبر؟ على ثلاثةِ أوجُهٍ:

أصحهما، على ما ذَكَر صاحب "التهذيب": لما رُوِيَ أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- لاَعَنَ بيْن العجلانيِّ وامرأته على المِنْبَر.

والثاني، وبه قال ابن أبي هريرة: أنه لا يَصْعَد؛ لأن الصعود لا يليق بحالهما؛


(١) أخرجه البخاري في / ومسلم في/ من حديث ابن عمر.
(٢) أخرجه أحمد وابن ماجة [٢٣٢٦] والحاكم [٤/ ٢٩٧] يلفظ: لا يحلف على هذا المنبر عبد ولا أمة على يمين آثمة، ولو على سواك رطب، إلا وجبت له الغار.
(تنبيه) سقط لفظ رطب من كلام الرافعي، فوهم صاحب المبهمات فضبط قوله سواك بشين معجمة، وقال: يعني شراك لنعل وليس كما قال. وقد وقع في رواية جابر الآتية: ولو على سواك أخضر.
(٣) أخرجه مالك [٢/ ١١١] وأبو داود [٣٢٤٦] والنسائي وابن حبان [١١٩٢ موارد] وابن ماجة [٢٣٢٥] والحاكم [٤/ ٢٩٦ - ٢٩٧] واللفظ له إلا أنه قال: فليتبوأ بدل: تبوأ، وله طرق، وفي الباب عن سلمة بن الأكوع في الطبراني، وعن أبي أمامة بن ثعلبة في الكنى للدولابي، وفي ابن ماجة والحاكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>