للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا في المحبوس ومن يَطُول (١) عذْره.

وقال الشيخ أبو حامد وجماعة: المريض ومن يلازمه غريمهُ أو يلازم غريمه؛ لخَوْفِه من ضياع ماله لو تركه يبعث إلى الحاكم، ويعلمه أنه على النفي، وإن لم يقدر على ذلك، يُشْهِد، ويمكن أن يجمع بينهما، فيقال: يبعث إلى القاضي، ويُطْلعه على ما هو عليه، ليبعث إليه نائباً أو ليكون عالماً بالحال إن أخر بعث النائب، فإن ذلك أقوى من الإشهاد، وأما الغائب، فإن كان في المَوْضِع الذي غاب إلَيْه قاضٍ فنفى الولد عنْده، فذاك، ففي أمالي وإن أراد تأخيره حتى يرجع أبي الفرج: المنع من ذلك، والذي ذكره صاحب "التهذيب" و"التتمة" جوازه؛ لأن له عذراً ظاهراً فيه، وهو الانتقام منها بإشهار أمرها في قومها وبَلَدِها، وحينئذ، فإن لم يمكنه المسير في الحال لخوف الطريق وغيره، فينبغي أن يُشْهد، وإن أمكنه، فليأخذ في السَّيْر ويشهد، فإن أخَّر السير، بَطَل حقه، أشهد أو لم يُشْهد، وإن أخَذَ في السير، ولم يُشْهد، فكذلك في أصحِّ الوجهَيْن (٢)، وإن لم يكن هناك قاضٍ، فالحكم كما لو كان، وأراد التأخير إلى بلده وجوَّزناه.

الثانية: الحَمْل، وإن جاز نفيه، يجوز أن يؤخِّر نفيه إلى الوضع، فإن المتوهم حملاً قد يكون رِيحاً، فينفش، فلو صبر إلى أن انفصل الولد، وقال: أخَّرت؛ ليتحقق الحال، فله النفي، وإن قال: عَرَفْت أنه ولد، ولكني أخَّرت طمعاً في أن تُجْهَض؛ فلا احتاج (٣) إلى كشف الأمر ورفع الستر ففيه وجهان:

أحدهما: أن له النفي؛ لأن الحَمْل لا يتيقن، فلا أثر لقوله: عرفه أنه ولد.

وأظهرهما، وهو المنصوص في "المختصر": أنه يبطل حقُّه؛ لتأخر النفي مع القدرة علَيْه ومعرفة الولد، فصار كما لو سكت عن نفْي الولد المنفصل طَمَعاً في أن يموت.

الثالثة: لو أخَّر النفي، وقال: أخَّرته؛ لأني لم أعْلَم أنها ولَدَت، فإن كان غائباً، قُبِلَ قوله بيمينه.

قال في "الشامل": إلا أن يستفيض وينتشر، وإن كان حاضراً، قُبل قوله في المدَّة التي يحْتَمِل أن يخفي الأمر، ولا يُقْبل في المدة التي لا تحتمل، ويختلف ذلك بين أن يكون في محلة أخرى أو في محلة المرأة وبين أن يكونا في دار واحدة أو دارين أو بيت


(١) صرح به صاحب البيان فسوى بين المريض والمحبوس في ذلك وكذا قال الجرجاني في الشافي وألحق بهما الملازم لغريمه الذي يخاف هربه إن فارت وما أشبهه.
(٢) هذا الترجيح تابع فيه البغوي والقاضي والحسين والذي يقتضيه كلام العراقيين أنه لا يبطل حقه بترك الإشهاد وصرح به ابن أبي هريرة في تعليقه والجرجاني في الشافي وغيرهما.
(٣) في أ: يحتاج.

<<  <  ج: ص:  >  >>