صدَّقنا القاذف بيمينه، فلو نكل، وحلف المقذوف، وجَب الحدُّ على القاذف، ويجوز اللعان في الزوجة.
[الثالثة]: إذا صدَّقته المرأة في القذف، واعترفَتْ بالزنا بعْدَما لاَعَنَ الزوْج تأكد لعانه، وحَدُّ القذف مندفع عنْه، وحَدُّ الزنا واجبٌ عليها، فإن كانَتْ قد لاعَنَتْ، فعليها حدُّ الزنا؛ لاعترافها إلا أن ترجع عن الإقرار، وإن صدَّقته قبل لعانه أو في أثناء لعانه، سَقَط عنْه الحدُّ، ووجب عليها حد الزنا، والظاهر أنه لا يُلاعِن بعد ذلك، ولا يتم اللعان، إذا صدَّقته في أثنائه إلا أن يكون هناك ولَدٌ ينفيه، وعند أبي حنيفة: إذا صدقته لم يكن له اللعان، ولزمه الولد؛ لأنه لا يصح منها اللعان مع التصديق، ولا يلزمه الحَدُّ بالاعتراف مرة واحدة، وإذا سقط لعانها، سقط لعانه، وقال الشَّافعي -رضي الله عنه- كيف تَنْفِي ولد العفيفة، وتُلْزمه ولد الزانية المُقرَّة بالزنا.
[الرابعة]: إذا مات أحد الزوجين قَبْل أن يتم لعان الزوج، ورثه الآخر، ثم إن كان المَيِّت الزوْج، استقر نسب الولد، فليس للوارث نفيه، وإن كان الوارث يلحق بإقراره النسب بالمورث، فان الاستلحاق أقوى من النفي؛ ولذلك يجوز الاستلحاق بعد النفي، ولا يجوز العَكْس: وإن ماتَتْ هي، فيجوز له إتمام اللعان، إن كان هناك ولدٌ، وإن لم يكن هناك ولَدٌ، نُظِر؛ إن لم يكن لها وارث غير الزوج؛ بأن كان ابن عمر، وفرَّعنا على الأصح، وهو أن حدَّ القذف يثبت لجميع الورثة، قرب الحد فيرث ويسقط وكذا لو لم يرثها غير الزوج وأولاده منها لأن الولد لا يجوز له أن يستوفي حدَّ القذف من أبيه، وإذا سقط الحد، ولا ولد، فقد مَرَّ أنه لا يجوز اللعان لسائر الأغراض، ولو كان يرثها غيْر الزوج وأولاده، فما يرثه الزوج وأولاده يسقط، ويجيْء الخلاف فيما إذا سَقَط بعْض الحد بِعَفْوِ بعْض الورثة، إن قلنا: يسقط الكل، فكذلك هاهنا، كما لو ورث جميع الحد، وإن قلنا: للباقين المطالبةُ بجميع الحد أو بقِسْطِهم، وطلبوا، فله اللعان للدفع، وفي جواز اللعان قبل المطالبة الخلافُ السابق.
[الخامسة]: عبد قذف امرأته ثم عَتَقَ، فطالبته المرأة، فله اللعان، فان نكل حُدَّ حَدَّ العبيد؛ لأنه وجب عليه في الرق، فلا يتغيَّر الواجب بانتقاله إلى الحرِّيَّة، وكذا لو زنى العبْدُ، ثم عَتَقَ، لا يُحَدُّ إلا حَدَّ العبد، والذمي إذا قَذَفَ أو زنا، ثم نقض العهد، فَسُبِيَ، واسترق، حُدَّ حَدَّ الأحرار، ولو كانت الزوجة أمةً، فنَكَلَتْ عن اللعان، فليس عليها إلا التعزير، وإن لاعن حُدَّتْ حَدَّ الإماء، وإن عَتَقَتْ بعْد القذف، وإن قذف المسلم زوجته الذمية أو الصغيرة أو المجنونة، ثم طلبت الذمية أو طلبتا بعد البلوغ والإفاقة، فإن نَكَل، فعليه التعْزير، وإن لاَعَنَ، ونَكَلَت الذمية، فعليها حدُّ الزنا، وإن نكلت الأُخرَيان، فلا شيْء عليهما.