في كل قرء طلقة، وسيعود في العدة لغرض آخر. ونختم ما أوردناه بكلامين (١):
أحدهما: إذا أجَدتَّ التأمل فيه، عرفت أن قولهم "القرء هو الطهر المحتوش بدمين أو الانتقال من الطهر إلى الحيض" مَا عَنَوْا به الطهر بتمامه، كما هو قضية ظاهر اللفظ؛ لأنه لا خلافَ عنْدنا في أن بقيَّة الطهر محسوبٌ قرءاً، ولكن المُرَاد به، هل يعتبر من الطُّهر المُحْتَوَش شيْءٌ أم يكفي الانتقال؟ والمكتفون بالانتقال قالوا: الانتقال وحده قرء ثم إن وجد شيء من الطهر قبْله، فقد لا يخرجونه عن الاعتبار، ويجعلونه متناولاً باسم القرء؛ ألا ترى أنهم ذكَرُوا فيما إذا قال للتي لم تحض: أنتِ طالقٌ في كل قُرْء طلقةً؛ تفريعاً على هذا القول: أنه يقع الطلاق في الحال، ولم يؤخِّروا الوقوع إلى أن تحيض للانتقال، وهذا كما أن اسمْ البَدَن يقع على الجُنَّة التي لا يَدَ لَهَا، ثم اليَدُ مِنْ سليم اليَدَيْن متناولةٌ باسم البدن.
والثاني: لِيُعْلَم قوله في الكتاب "والأقراء هي الأطهار" بالحاء، والألف، ولو عُلِّم بالواو للمناظرة المحكية لم يبعد.
وقوله "ولو قال: أنتِ طالقٌ في كل قرء طلقةً لم يقع إلا في الطهر" تفريع يتضح به معنى القرء، والمسألة بأحوالها مذكورةٌ في كتاب الطلاق.
وقوله "ثم بقيَّةُ الطهر قرءٌ" مُعْلَم بالحاء والألف، وقوله "أنت طالق مع آخر جزء من الطهر، فالانتقال ليس قرءاً على القول الجديد" لفظ: "الجديد" محمول على "الأمّ"، و"الرسالةُ" أيضاً تُحْسَب من الجديد، والقول بأنه ليس بقرء هو القول الذاهب إلى أنه طُهْر محتوش بدَمَينْ، فلو لم يتعرض لذكر الوجهين بعْده، ولم يقل "والقرء هو الطهر المحتوش بدمين على أحد الوجهين" وقال "فالانتقال ليس قرءاً على الجديد، بل هو الطهر المُحْتَوشَ بدَمَيْنِ، فبقية طُهْرِ الصبية قبل الحيض ليس بقرء" كان حسناً مُفيداً، وكأنه قصد بالسياق الذي ذكره أن في الطهر المحتوش قولَيْن: أن القرء هو مجرَّد الانتقال منه، أو يعتبر مع الانتقال كل الطهر أو بعضه.
وأما غير المحتوش، فهل الانتقال منْه مع بعضه طُهْرٌ أم لا؟ فيه وجهان: