للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن أبي إسحاق الثاني -الذي اختاره المزني-، وعلى ذلك جرى المحامليُّ وصاحب "المهذب" وغيرهما: ولو طلَّق العَبْد زوْجَتَه طلاقاً رجعيًّا، فَعَتَقَتْ في العدَّة، فقد مر في خيار العتق أن لها أن تفسخ (١) في الحال أو تؤخر، وأنَّها إنْ فسَخَت، فتستأنف عدَّةٌ أخْرَى أوْ تُبْنَى على تلْكَ العِدَّة فيه خِلاَف يُذْكَر فيما إذا طَلَّق الرجعية طلقةً أخرى، وعن أبي إسحاق وغيره: القَطْع بأنها تبني، ويجري الطريقان فيما لو أخَّرت الفسْخَ، حتى راجعها الزوج ثم فسَخَتْ قبْل الدخول، قال في "التتمة": والمذهب أنها تستأنف؛ لأنها فسَخَت، وهي زوجه، والفَسْخ يوجب العدة، وحيث قلنا: تستأنف فتستأنف عدة الحرائر، وإذا قلْنا تبني، فتكمل عدة الحرائر أو تقتصر على عدة الإماء؟ فيه الخلافُ المذكُورُ فيما إذا عَتَقَتْ في عدتها، ولا فَسْخَ، وعن ابن أبي إسحاق: القَطْع بأنها تستأنف؛ لأن الفسْخ سَبَبٌ لانقضاء العدَّة.

الثانية: [ولو] (٢) وطئ أمةَ إنسانٍ على ظنِّ أنها أمته، قال في "التتمة": لا يلزمها إلا قرء واحدٌ؛ لأنها في نَفْسها مملوكة، والشبهة شبهةُ ملك اليمين، ولو ظنها زوجته المملوكة، حكى فيه وجهَيْن:

أحدهما: أنه يجب قرء واحدٌ؛ لأنها مملوكَةٌ في الحقيقة.

وأظهرهما، وبه أجاب العبَّادِيُّ: أنه يجب قرءان؛ لأن الزوجة المَمْلوكة كذلك تَتربَّص وهو يعتقدها زوجة مملوكة، وإن ظنها زوجته الحُرَّة فهذه صورةُ الكتاب، وفيها الوجهان: إن اعتبرنا اعتقاد (٣) الرجل، فعليها ثلاثة أقراءٍ، وإلا ففي "التتمة" أنه لا يجب إلا قرء واحدٌ، وفي "الوسيط" وغيره: أنه يجب قرءان؛ لأن الزوجة المملُوكَةَ هكذا تتربَّص (٤)، ولو وطئ حرَّةً على ظَنِّ أنها أمته المملوكة، فقد قطع قاطعون بأنه يلزمها (٥) ثلاثة أقراء؛ لأن الظنَّ يُؤثِّر في الاحتياط لا في المساهلة، وأجرى المتولِّي الوجهَيْن، إن اعتبرنا حالها، وجب ثلاثة أقراء، وإلا، فيكفيها قرءٌ واحدٌ؛ لأن الزَّوْج يعتقد أنَّه وطئها وطْئاً لا يوجب الاستبراء، وأجرى الوجهَيْن فيما إذا ظنها زوجته المملوكة، ففي وجْهٍ: يجِبُ ثلاثة أقراء، وفي وجْهٍ قرءان، والأشبه النَّظَر إلى ظَنِّ الرجل، واعتقاده فإن العدة إنما تجب رعايةً لحقه، وأنها كانت على ظَنِّه، فكما يؤثر الظنُّ في أصل العدَّة جاز أن يؤثر الظن في صفة العدة وقدرها (٦).


(١) في أ: الفسخ.
(٢) سقط في ز.
(٣) في ز: اعتداد.
(٤) قال الماوردي: والذي قال به جمهور أصحابنا أنه تعتد عدة أمة؛ لأن عدة الزوجية معتبرة بحال الأمة دون الوطء.
(٥) في ز: يلزمه.
(٦) ومراده الأشبه من جهة النظر والقياس لاحق جهة النقل.

<<  <  ج: ص:  >  >>