للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الولدَيْن ستة أشهر فصاعدًا، فالثاني حمْلٌ آخر، وإنما يكون الولدان توءمين، إذا كانت المدة بينهما دون ستة أشْهُر أو وُلِدًا معاً، وقوله في الكتاب: "وأقصى المدة بين التوءمين ستة أشهر" فيه اختلال؛ فإن هذه المدة: مدة أقل الحمل، وإذا تخلَّلت ستة أشهر، كان الثاني حملاً آخر، والشرط أن يكون المتخلِّل أقلَّ من ستة.

الثانية: لا تنقضي العدَّة بخروج بعْض الولد؛ لأنه لا تَحْصل به براءة الرحم ولا وضْع الحمل، وإذا خرج بعضُه منفصلاً أو غير منفصل، ولم يخرج الباقي، بقيتِ الرجعة في الرجعية، ولو طلَّقها، يقع الطلاق، ولو مات أحدهما، ورثه الآخر، وكذلك تبقى سائر أحكام الجنين في الذي خرج بعْضه دون بعض؛ كنفي توريثه وسراية العتق إليه من الأم، وعدم إجزائه عن الكفَّارة، ووجوب الغُرَّة عند الجناية على الأم، وتبعته الأم في البيع والهبة وغيرهما.

وفي وجْه: إذا صَرَخ واسْتَهَلَّ، كان حكمه حكم الولد المنفصل في جميع ما ذكَرْنا، إلا في العدة؛ فإنها لا تنقضي إلا بفراغ الرَّحِم، وُينْسَب هذا إلى القفَّال -رحمه الله- في "البسيط"، وهو منقاس، وان كان بعيدًا عن المذهب، وسيعود ذكْر هذا الخلاف في غرة الجنين.

الثالثة: تنقضي العدة بانفصال الولد حيًّا أو ميِّتاً، ولا تنقضي بإسقاط العَلَقة والدم (١)، فليس ذلك بولد، ولا يُتَيَقَّن أنه أصْل ولد، ولا يكاد يسمى حَمْلاً، ولو أسقطت قطعةً، فلها أحوال.

إحداها: أن يظهر فيها شيْء من صور الآدميين وخلقتهم؛ كيد وأصبع وظفر وغيرها، فتنقضي العدة به، ولو سَقَط مثْل هذا اللحم بجنايةِ جَانٍ، وجَبَت الغرة والكفارة، ولو أسقطت الأمة مثْلَها من سيدها، صارت أُمَّ ولَدٍ له.

والثانية: إذا لم تَظْهر الصورة والتخطيط لكل أحد، ولكن قالت القوابل وأهل الخبرة من النساء: إنَّ فيه صورةً خفيةً، وهي بينة لنا، وإن خفيت على غيرها، فتُقْبَل شهادتهن، ويحكم بانقضاء العدة وثبوت سائر الأحكام أيضاً.

ويقال: إن الإصطخريَّ أتى بسقط على هذه الصفة (٢)، فلم يحكم بثبوت الاستيلاد، فجاءت القوابل فَصَبَبْنَ عليه ماءً حارًا وغسلنه، فظهرت الصورة.

والثالثة: إذا لم تكن فيه صورة ظاهرة ولا صورة خفية تعرفها القوابل، ولكنهن


(١) قال الشيخ جلال الدين البلقيني: إذا مات الولد في البطن ولم يخرج فلا تنقضي العدة حتى تضعه وقد وقعت هذه المسألة واستفتينا عنها فأوجبنا بذلك. انتهى.
(٢) في أ: الصورة.

<<  <  ج: ص:  >  >>