للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الغَزَالِيُّ: (الثَّالِثُ) إِذَا نُكِحَتْ ثم أَتَتْ بِوَلَدٍ لِزَمَانٍ يُحْتَمَلُ مِنَ الزَّوْجَيْنِ أُلْحِقَ بِالثَّانِي إنْ كَانَ النِّكَاحُ صَحِيحاً إِذْ لاَ سَبِيلَ إِلَى إِبْطَالِ الصَّحيحِ* وَإِنْ كانَ فَاسدًا يُعْرَضُ عَلَى القَائِفِ لأَنَّهُ كَوَطْءِ شُبْهَةٍ* ثُمَّ مُدَّةُ احْتِمَالِ الثَّانِي تُحْتَسَبُ مِنَ العَقْدِ الفَاسِدِ* أَوْ مِنَ الوَطْءِ فِيهِ خِلاَفٌ* وَكَذَلِكَ عِدَّةُ النِّكَاحِ الفَاسِدِ يُبتَدَأُ بَعْدَ آخِرِ وَطأةٍ* أَوْ بَعْدَ التَّفَرُّقِ بِانْجِلاَءِ الشُّبْهَةِ فِيهِ خِلاَفٌ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: كان الفرع الثاني مصوَّراً فيما إذا لم تَصرْ بعد الطلاق فراشًا لغيره، حتى أتت بولد، فإن صارتْ فراشًا لغيره؛ كما إذا نكحت بعْد انقضاء العدَّة، ثم ولَدَتْ، نُظِرَ؛ إن ولَدَتْ لما دون ستَّة أشهر من النكاح الثاني، فكأنها لم تنكح، والحكم (١) على ما مَرَّ، وإن أتت به لستة أشهر فأكثر، فالولد (٢) للثاني، وإن أمكن أن يكون من الأوَّل؛ لأن الفراش للثاني حاضرٌ قائمٌ، فالإلحاق به أَوْلى من الإلحاق بفراشٍ قَدِ انقطع وانقضى، وأيضًا، فإنَّ النكاح جرى على الصَّحة ظاهرًا، وعلى تقدير أن يكون الولَدُ من الأول، يكون في العدة ويبطل النكاح، ولا سبيل إلى إبطال الصحيح بالاحتمال، ولو نُكِحَت نكاحًا فاسدًا؛ بأن نُكِحَت في العدة، لم يَقْطع بمجرَّد العقدِ العدةَ، ولكن تسقط نفقتها وسكناها؛ لنشوزها، ثم إن وطئها الزوج عالمًا بالتحريم، فهو زان لا يؤثِّر وطؤه في العدة، وإن جهل التحريم، إما لظنه انقضاء العدة، أو لظنه أن المعتدة لا يَحْرُم نكاحها، فتنقطع به العدَّة؛ لصيرورتها فراشًا للثاني.

وقال أبو حنيفة وأحمد -رحمهما الله-: لا تنقطع، قال القاضي الرُّويانيُّ: دعواه الجَهْلَ بأنها معتَّدة تُقْبَل بكل حال، ودعوى الجَهْلِ بأنَّ نكاح المعتدة حرامٌ لا يقبل إلا من قريب العهْد بالإِسلام، ثم إذا فرق بينهما، تكمل عدة الأول، ثم تعتد عدة الثاني، ولو أن هذه المنكوحة أتتْ بولد لزمان الامكان من الأول دون الثاني، فيلحق الولد بالأول، وتنقضي عدته بوضْعه، ثم تعتد للثاني، فإن أتت به لزمان الإمكان من الثاني دون الأول؛ بأن أتت به لأكثر من أربع سنين من طلاق الأول، فإن كان الطلاق بائنًا، فهو ملحق بالثاني، وإن كان رجعيًّا، فالجواب كذلك: أو يقال: فراش الأول باقٍ، فيعرض على القائف؟ فيه قولان، وإن أتت به لزمان الإمكان منها جميعًا، فيعرض على القائف، فإن ألحقه القائف بأحدهما، فالحكم كما لو أتَتْ به لزمان الإمْكان منْه خاصَّةً، وإن ألحقه بهما أو نفاه عنهما أو اشتبه الحال علَيْه أو لم


(١) قضيته أنه لا فرق بين أن يتفق الزوجان على الدخول أن ينكر أحدهما أو يتفقان على عدمه أو يتفقان على أن الولد ليس من الزوج ولا فرق بين أن تقول المرأة كذب في انقضاء االعدة أم لا.
(٢) لا يكفي مجرد السنة بل لابد من إمكان الاجتماع والوطء وأهمله الرافعي لوضوحه.

<<  <  ج: ص:  >  >>