للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوفاة، وحيث قلنا: لا تثبت الرجْعة، لا يثبت شيء من هذه الأحكام.

الثانية: في جميع ما ذكرناه فيما إذا كانَتْ لا ترى الدم على الحَمْل أو كانت تراه، وقلنا إنَّه ليس بحيض، فأما إذا جعلْناه حيضًا، فهل ينقضي مع الحَمْل العدة الأخرى بالأقراء؟ فيه وجهان:

أظهرهما: نَعَمْ، وبه قال الشيخ أبو حامد، والقاضي الحسين (١)؛ لأن البراءة معلومةٌ بالوضع، والحُكْمُ بعدَم التداخُل مع اتحاد الشَّخْص ليس إلا للتعبد برعاية صورة العدتين، وقَدْ حَصَلت.

والثاني، وبه قال الشيخ أبو محمَّد، وإلى ترجيحه مال الإِمام: أنها لا تنقضي؛ لأن الأقراء إنما يُعْتدُّ بها إذا وقَعَت في مظنة الدلالة على البراءة، وهاهنا الشُّغْل معلوم، فإن قلنا: تنقضي، فلو كان الحمل حادثًا من الوطء، فمضت الأقراء قبل الوضع، فقد انقضت عدَّة الطلاق، وليس للزوج الرجْعة بعْد ذلك، فإن وضعت الحْمل قبل تمام الأقراء، فقد نقضت عدة الوطء، وعليها بقية عدة الطلاق.

قال صاحب "التهذيب": وللزوج الرجْعة قبل الوضْع وبعده إلى تمام البقيَّة بلا خلاف (٢)؛ لأنها كانت ترى الدم على الحبل، وجعلناه حيضًا، فزمان الحمل محسوب من عدة الطلاق، ولو كانت حاملًا عند الطلاق، ووطئها قبل الوضع، فالأقراء محسوبة من عدَّة الوطء، وللزوج الرجْعة إلى وَضْع الحمل، فإن وضعت قبل تمام الإقراء، اكملت ما بقي من عدة الوطء، ولا رجْعة فيه.

وقوله في الكتاب "والعدتان المتفقتان بالأقْرَاء أو الأشْهر تتداخلان" يمكن أن يُعْلَم بالواو، ولأن من قال "يسقط الباقي (٣) من عدة الطلاق، والعدة الواجبة ممحضة (٤) لا


(١) قال في الخادم: يوهم أن ذلك على الوجهين سواء قلنا بالتداخل أم لا، وقد فهمه بعض شراح الحاوي كذلك فصرح به واستثناه من القول بالتداخل، والصواب أن هذا كله من تفريعات القول بمنع التداخل، وقد صرح الأصحاب بذلك البغوي في التهذيب والماوردي في الحاوي والمتولي في التتمة والشيخ في المهذب وصاحب البيان وغيرهم من الطريقين، وسياق الرافعي يرشد إليه فإنه قال وإن قلنا لا تتداخلان إلى أن قال وفي الفصل بعد هذا مسائل فذكرها فدل على أن من هناك إلى آخر الفصل من تفاريع المنع إلى آخر ما ذكره ومما ذكره هو الذي قال الشيخ البلقيني أنه أظهر احتمالين ذكرهما.
(٢) قال في الخادم: حكى الشيخ في المهذب الوجهين فيه قبل الوضع، وقال في الذخائر له الرجعة في الأقراء الآتية بعد الوضع وهل له الرجعة في مدة الحْمل إلى حين الوضع، حكى أصحابنا العراقيون وجهين إلى آخر ما نقله عنه.
(٣) في ز: الثاني.
(٤) في ز: ممحضة.

<<  <  ج: ص:  >  >>