للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنوع الثالث: الطِّيب، فليس لها أن تتطَيَّب في بدنها وثيابها، روي عن أم عطية -رضي الله (١) عنها- قالت: "كُنَّا نُنْهَى أَنْ نحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاَثٍ إِلاَّ عَلَى زَوْجٍ أرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً، وَأَنْ نَكْتَحِلَ وَأَنْ نَتَطَيَّبَ وَأَنْ نَلْبَسَ ثَوْباً معصفراً، ونُنْهَى أَنْ نَكْتَحِلَ" وتفصيل القول في الطِّيب قد سَبَق في الحجِّ، وإلى ذلك أشار بقوله في الكتاب: "ويحرم كل طيب يَحْرُم على المُحْرِم" ولا تَدْهن رأسها سواءٌ كان في الدُّهْن طيبٌ أو لم يكُنْ، لما فيه من تزيِّين الشَّعر، حتى لو كانَتْ لها لحية، لم يكن لها تدْهِينُها، ويجْوز لَهَا تدْهِين البَدَن بما لا طيب فيه مِنَ الأدْهَان، كالشِّيرج، والسمن والزيت، ولا يجوز بما فيه طِيَبٌ [كدُهْنِ الوَرْد والبنفسج، وكذا لا يجوز لها أكْل طَعَام فيه طيبٌ]، ولا أن تتكحل بكُحْل فيه طِيبٌ، وأما الكُحْل الذي لا طيبَ فيه، فإن كان أسود، وهو الإِثْمُدِ، فلا يجوز لها الاكتحالُ به؛ لأن فيه زينةً وجمالًا للعَيْن، وعن الماسرجسي وجْه: أنه يجوز الأكتحال به للمرأة السوداء، فإنه لا يفيدها جمالاً، وُيرْوَى ما يقرب من هذا عن القَفَّال، وفي "النهاية" أن الشافعيَّ -رضي الله عنه- نصَّ في بعض المواضع على جواز الاكتحال بالإِثْمِدِ، وأن الأصحاب حمَلُوه على العربِّيَات؛ لأنهن إلى السواد، فلا يزينهن الإثْمِدُ، أما البيض فلا يكتحلن به، ووجْه الفرق هو الذي أورده في الكتاب، حيث قال: ولا تكتحل البَيْضَاء بالإثمد، والظاهر عنْد الأكثرين: أنه لا فَرْق بين البيضاء والسوداء، وقالوا: أثر الكحل يَظْهر في بياض العَيْن، ويدل عليه إطْلاق الأخْبَار، وإذا احتاجَتْ إلى الاكتحال به؛ لرمدٍ وغَيْره، اكتحلت لَيْلاً، ومسحته نهاراً، فإن دعَتِ الضرورة إلى الاستعمال نهاراً [أيضاً،] (٢) عُذِرَتْ، ولا بأس باستعماله في غير العَيْن إلا الحاجب، فإنه لا تَتزيَّن به، وأما الكحل الأصفر، وهو الصبر، ففي "التهذيب": أنه لا يجوز الاكتحال به؛ لأنه أصفر يُحسِّن العين، وقد روي أنه -صلى الله عليه وسلم (٣) - دَخَلَ عَلَى أم سلَمَة -رضي الله عنها- وهي حادَّة على أبي سلمة وقد جعلت على عينها صبراً، فقال: ما هَذَا يَا أُمَّ سَلَمَةَ؟ هُوَ صَبْرٌ لاَ طِيبَ فِيه، قال: "اجْعَلِيهِ بِاللَّيْلِ وَامْسَحِيهِ بِالنَّهَارِ" وفي "التتمة": أنه يَحْرُم الاكتحال به على السوداء دون البيضاء، والأَظهر الأول ولو طَلَتْ به


(١) تقدم.
(٢) سقط في ز.
(٣) رواه الشافعي عن مالك أنه بلغه فذكره، ورواه أبو داود [٢٣٠٤] والنسائي [٦/ ٢٠٣ - ٢٠٤] من حديث ابن وهب عن مخرمة بن بكير عن أبيه عن المغير بن الضحاك، عن أم حكيم بنت أسيد عن أمها عن مولى لها، عن أم سلمة به وأتم منه، وفيه قصة، وأعله عبد الحق والمنذري بجهالة حال المغيرة ومن فوقه، وأعل بما في الصحيحين عن زينب بنت أم سلمة سمعت أم سلمة، تقول: جاءت امرأة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله إن ابنتي توفي عنها زوجها، وقد اشتكت عينها أفتكحلها؟ قال: لا، مرتين أو ثلاثاً (فائدة) المرأة هي عاتكة بنت نعيم أخت عبد الله بن نعيم العدوي، وزوجها هو المغيرة المخزومي، وقع مسمى في موطإ ابن وهب.

<<  <  ج: ص:  >  >>