للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان الحيْض في أوَّل هذه المدة أو آخِرِها، وإذا كانت المستولَدَة مِمَّن لا يحيض، كفاها مضىُّ أربعة أشهر وعَشْرٍ.

والثالثة: إذا لم تَعْلَمْ أن المدَّة المتخلَّلة كم هي، فعليها التربُّص كما ذكرنا في الحالة الثانية؛ أخْذاً بالأحوط، ولا نورثها مِنْ الزوج، إذا شككنا في أن أسبقهما موتاً مَنْ هو؟ لأنا لا نعلم حريتها عنْد موته، والأصل دَوَامُ الرِّقِّ، فإن ادعت علم الورثة بأنها كانَتْ حرة يوم موت الزوج، فلها أن تُحَلِّفهم على نَفْيِ العِلْمِ.

قَالَ الغَزَالِيُّ: وَمَهْمَا قَالَتْ: حِضْتُ حَلَّ للسَّيِّدِ وَطْؤُهَا في الاسْتِبْراءِ* وَلَو امْتَنَعَتْ عَلَى السَّيِّدِ فَقَالَ: أَخْبَرَتْني بِتَمَامِ الاسْتِبْرَاءِ صُدِّقَ السَّيِّدُ* وَهَلْ لَهَا أَنْ تُحَلِّفَهُ؟ نِيهِ وَجْهَانِ* وَكَذَلِكَ إِذَا ادَّعَتْ تَحْرِيمًا بِسَبَبِ وَطْءِ المُوَرِّثِ فَهَلْ تُسْمَعُ دَعْوَاهَا لِلتَّحْلِيفِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: إذا قالَتِ الأمة المستبرأة: حِضْتُ، اعتُمِد قوْلُها، فإن ذلك لا يُعْلَم إلا منْها، ولا تُحَلَّف، فإنها لو نَكَلَت، لم يقدر الرجوع (١) على الحَلِف [قال في "الوسيط": فإن السَّيد لا يَقْدِر على الحَلِف، ولا اطِّلاَع له على حَيْضتها،] ولو امتنعت على السيد، فقال: قد أخبرتْنِي بتمام الاستبراء، فقد أطْلَق في الكتاب: أنه يُصدَّق السيد ووُجِّه بأن الاستبراءَ بابٌ من التَّقْوَى مُفوَّض إلى السيد، وليس ذلك مجَالَ الخصومات، ولو لم يكن كذلك لحلنا بين السيد وبينها، كما نحول بين الزوج والمعتدة عن وطء الشبهة، وأشير فيه إلى وجْه آخر توجيهاً بأن الأصْل عدم انقضاء الاستبراء، وهل لها أن تُحلِّفه؟ فيه وجهان: حقيقتهما هل لِلأمَة المخاصمة فيه. والخلاف مأخوذٌ من الخلاف في أنَّه هل للأمة أن تَمْتَنِع من السيد الأبْرَص والمجذوم؟ وقد مَرَّ ذلك في موْضِعه، فإن قلْنا: نعم، فهي صاحبة حقِّ فلها المخاصمة، ويقرب من هذا ما إذا وَرِث جاريةً، فامتنعت، وادعت أن مُوَرِّثه أصابها، وأنها حُرِّمَت عليه بإصابته، فلا يلزمه تصديقُها، وطريق الورع لا يَخْفَى، وهل لها تحليفه؟ فيه هذان الوجهان (٢).

وقوله "فهل تُسْمَع دعواها للتَّحليف" يعني لغرض التحليف، وفيه إشارةٌ إلى أنها لا تُصدَّق، ولا يُقْبل قولُها؛ فإنَّ الأصل فيما تدعيه العَدَمُ.

فرْعٌ: لابن الحدَّاد: وطئ السيدُ أمَتَه في عدتها عن وفاة الزوج، ثم مات السيِّد، فعليها أن تُكْمِل عدة الوفاة عن الزوج ثم تتربَّص حيْضةً لموت السيد بعد الوطء، ولو


(١) في أ: الزوج.
(٢) قال النووي: الأصح أن لها التحليف في الصورتين، وعليها الامتناع من التمكين إذا تحققت بقاء شيء من زمن الاستبراء وإن أبحناها له في الظاهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>