للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكُحْلُ وَالطِّيبُ، وَيَجِبُ المرتك لِلضُّنَان، وَلِلْزَّوْجِ مَنْعُهَا مِنْ تَعَاطِي الثَّومِ وَمَا لَهُ رَائِحَةٌ مُؤْذِيَةٌ وَمِنْ تَنَاوُلِ السُّمِّ، وَهَلْ لَهُ المَنْعُ مِنَ الأَطْعِمَةِ المُمَرِّضَةِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، وَلاَ تَسْتَحِقُّ الدَّوَاءَ لِلمَرَضِ، وَلاَ أُجْرَةَ الحِجَامَةِ، وَلاَ أُجْرَةَ الحَمَّامِ إِلاَّ إِذَا اشْتَدَّ البَرْدُ، وَالخَادِمَةُ لاَ تَسْتَحِقُّ آلَةَ التَّنْظِيفِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: وعلى الزوْج أن يعطي الزوجة ما تتنظف به وتزيل الأوْسَاخ الَّتي تؤذيها أو تُؤْذي بها؛ كالمُشْط والدُّهْن (١) وما تغسل به الرأْسَ من السِّدْر أو الخطمي أو الطِّين، على عادة البقعة، والرجوع في قَدْرها إلى العادة، ويجب من الدُّهْن ما يعتاد استعماله غالباً، كالزيت والشيرج وغيرهما، وإن كانوا يعتادون التطيب بالورد أو البنفسج، وجب المطيب وأبدى الإِمام وغيره احتمالاً في الدُّهْن، إذا قال الزوج: هو للتحمُّل والتزين، وأنا لا أريده، والمشهور الأوَّل، وما يُقْصَد للتلذُّذ والاستمتاع، كالكحل والخِضاب (٢) فلا يجب على الزوج بل ذلك إلى اختياره، فإنْ شاء هَيَّأه لها وإذا هيا لها أسباب الخضاب، لزمها الاخْتضَاب، ومِنْ هذا القبيل الطِّيبُ، ولا يجب إلا ما يقصد به قطع السهولة، ويجب المرتك، وما في معناه لدَفْع الصُّنَان، إذا لم ينقطع بالماء والدّراب، وحكى فيه بعْضُ أصحاب الإِمام وجهاً آخر.

وأما قوله: "وللزوج منْعُها من تعاطِي الثُّومِ [وأكل] ما له رائحةٌ مؤذيةٌ" فهذا فيه قولان، ذكرناهما في أوَّل الجنْس الرابع مِنْ موانع النِّكاح، والأصحُّ ما ذكره في الكتاب وليُعْلَم للقول الآخر، وأما قوله: "ومن تناول السُّمِّ" فإذا لا خلاف فيه؛ فإنه إهلاك للنفس، وهو مُحرَّم، ولكلِّ واحدٍ أن يَمْنَعَ منه، وهل له المَنْعُ من تناول الأطعمة التي يخاف منْها حدُوث المَرَض؟ فيه وجهان؛ لأنَّه لا يتحقَّق، والأصحُّ على ما ذكره القاضي الرويانيُّ وغيره أن له المَنْعَ.

ولا تستحق الزوجة الدواء للمرض، ولا أجرة الطبيب والفِصَاد والحجام والختان، بخلاف المُشْط والدُّهْن، ووُجِّه ذلك بأن الزوج بمثابة المُكْتَري والمرأة بمثابة المُكْرِي،


(١) أطلق المصنف ذلك فشمل الدهن للرأس والبدن وهو الذي ذكره الماوردي. وقال الشيخ في التنبيه: الدهن للرأس نعم.
قيد الماوردي ذلك حيث يعتاد في البلاد الحارة، وسكت المصنف رحمه الله عن الصابون وعن البغوي أنَّه يجب لها الأشنان والصابون لغسل الثياب وتبعه في الكافي وزاد في كل أسبوع أو غيره. نقله في الخادم. ثم قال: والأشبه ضبطه بالعادة وهي تختلف باختلاف الأقوال.
(٢) قال ابن الرفعة: كذا قرن الكحل بالخضاب، وفي الحاوي أن ما يراد منه للزينة كالإثمد يجب على الزوج الإتيان به وعبارة الحاوي: وأما الكحل فما كان منه للزينة كالإثمد فهو على الزوج لأنه من حقوق الاستمتاع وما كان للدواء فعليها كسائر الأدوية.

<<  <  ج: ص:  >  >>