للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أظهرهما: أنَّا إنْ قلنا: لا رجعة في الحال، فلا نفقة، وإن أثبتنا الرجعة، ففي النفقة وجْهان:

وجه المنع: أنها صارت في حَبْس الغير.

والثاني: أنا إنْ قلنا: لا رجعة، ففي النفقة وجهانِ، وإن قلنا: له الرجعةُ، فعليه النفقة، والظاهر مِنْ ذلك الذي أجابَ به أكثرهم: أنه لا نفقة ولها [في مدة الحمل، فيَسْتَرْجِعُ ما أخذت لها, ولو قالت: واطأني الزوج، وأنكر، فهو المصدَّق بيمينه، وتُسْأَلُ] (١) عَنْ وقَتْ وطئه، فإن قالت بَعْد انقضاء الأقراء، رَدَّتْ ما زاد، وإن قالَتْ: عقيب الطلاق، فقد بأن أنَّها ما قضت عدته، فترد ما أَخَذَتْ، وتعتد بعد الوضع بثلاثة أقراء ولها النفقة فيها. هكذا ذكره صاحب "الشامل" وغيره، وإنما يستمر ذلك على قَوْلنا إن العدتَيْنِ المُخْتَلِفَتَي الجِنْسِ من شخصٍ واحدٍ لا تتداخلان.

فرْعٌ: لو ادعت الرجعيَّةَ تباعد الحَيْضُ وامتداد الظهر، فظاهر المذهب: أنَّها تُصدَّق في وجوب النفقة، كما تُصدَّق في بقاء العدة، وثبوتِ الرجعةِ، وتستمر النفقة إلى أن تعترف بمُضِيِّها، وعن بَعْضِ الأصحاب فيما حكاه القاضيان ابن كج وأبو الطيِّب: أنَّها لا تُصدَّق في النفقة، فإنه حقٌّ لها بخلاف العِدَّة والرجْعة، فهما عليها، وهذا ما توهمه المُزنيُّ من لفظ الشافعيُّ -رضي الله عنه- واعترض عليه.

فرْعٌ: لابن الحدَّاد: وضعَتِ امرأةٌ حَمْلاً وطلَّقَها، واختلف الزَّوْجَان، فقال الزوج: طلَّقْتكِ قبل الوضع، وانقضت عدتك بالوضع، فلا نفقة لك الآن، وقالت: بل طلَّقْتَنِي بعد الوضع، وطلبت النفقة، فعليها العدة مِنَ الوقت الذي يزعم أنَّه طَلَّقها فيه، ولها النفقة؛ لأن الأصل بقاء النكاح إلى الوَقْت الذي يَقُولُه وبقاءُ العدَّة والنَّفَقَةِ، وليس له الرجعة؛ لأنها قد بانت بزعمه، ومَنْ أقرَّ بشَيْءٍ قُبِلَ فيما يَضُرُّه ولم يُقْبَل فيما يَضُرُّ غيره؛ ألا ترى أنه لو أَقَرَّ ببَيْعِ عبده، ممن يُعْتَقُ العَبْدُ عليه يُحْكَم عليه بِعِتْق العبد، ولم يُقْبَل قولُه في لزوم الثَّمَنَ على زعم أنه اشترى، ولو كان الزَّوْج قَدْ أصابها قَبْل الوضع في الوَقْت الذي زَعَمَ أنَّها مُطَلَّقة فيه، لم يلزمه مهْر المِثْل؛ لأنها تقول: إنَّما طَلَّقَنِي بعْد الولادة، فتكون الإصابة في النكاح، ولو اختلفا على العَكْس، فقال الزوج: طَلَّقْتُكِ بعد الولادة، وأنْتِ في العدةِ، والرجعةُ لي، وقالت: بل قَبْلَها، وقد انقضت عدَّتِي، فالقول قول الزوج في بقاءِ العدَّةِ وثُبُوتِ الرجْعةِ، ولا نفقة لها (٢) في العِدَّة.


(١) سقط من: ز.
(٢) قال ابن الرفعة: ولتعرف أن مقتضى القاعدة من ما ذكره ابن الحداد وغيره أنها لا تستحق النفقة وإن راجعها وكذا لو كان الاختلاف قد وقع بينهما في أصل الطلاق المبين فادعت أنه طلقها ثلاثاً =

<<  <  ج: ص:  >  >>