والثاني: يُقدَّم الأب مكافأةً لاتفاقه علَيه في الصغر.
والثالث: التسوية بينهما؛ لاستوائهما في القرب.
جدٌّ وابنٌ، فيه طريقان أحدهما: طرْدُ الوجوه.
والثاني: القطْعُ بتقديم الابن، وعن "الجامع" للقاضي أبي حامد: أنه لو اجتمعت جدتانِ لإحداهما ولادتان، وللأخرى ولادةٌ واحدةٌ، فإن كانتا في دَرَجَةٍ واحدةٍ، [فذات] الوِلاَدتَيْنِ أوْلَى، وإن كانت هي أبْعَدَ، فالأُخْرَى أَوْلَى وأنه لو اجتمعت بنتٌ بنْتُ بنتٍ، أبوها ابْنُ ابنِ بنْتٍ مع بنتِ بنتِ بنتٍ، ليس أبوها من أولاده، فإن كانتا في دَرَجَةٍ واحدةٍ، فصاحبه القرابتين أولَى، وإن كانَتْ هي أبْعَدَ، فالأخْرَى أوْلَى، ومهما استوى اثنان، وُزِّعَ المقدور عليه بينهما، وإن كثروا بحيث لو وزَّعْنا، لا يسد قسْط كل واحد منهما مسداً، فالطريقُ الرجوعُ إلى القُرْعة، وكان يَجُوز أن لا يُصَار إلى التوزيع أصلاً؛ لأن كلَّ واحدٍ منهم لا يكفيه ما يَخُصُّه؛ ولذلك قلْنا: لو قَدَر الزوجُ على نصْف المُدِّ، كان لها حقُّ الفسخ على الأظهر.
وقوله في الكتاب: "في ازدحام الآخذين" أشار بلفظ "الازدحام" إلى أن الكلام في الكتاب فيما إذا لم يتيسر له الإنفاق على جميعهم، وفَضَلَ عَنْه شيء وازدحموا عليه.
وقوله: "فالزوجة أوْلَى" يجوز أن يُعْلَمَ بالواو.
وقوله: "ترجح للأخذ" يجوز أن يُقْرَأَ الآخِذ على موافقة لفظ الآخذين، ويجوز أن يقرأ "الأخْذ"، وهو أوْلَى؛ لقوله في مقابلته: "الالتزام".
فُرُوعٌ: إذا أوجبنا النفقة على أقرب القرابَتَيْنِ، فمات أو أَعْسَرَ، وجَبَ على الأبْعَدِ، ثم إن أَيْسَرَ الأقرب بعْد ذلك، لم يرجع الأبْعَدُ عليه بما أنفق.
وفي "البحر": أنه لو كان له وَلَدَانِ، ولم يَقْدِر إلا على نفقة أحدهما, وله أب موسِرٌ، وجب على الأب نفقةُ الآخرِ فإنِ اتفقا على الإنفاق بالشَّرِكة، أو على أن يَخْتَصَّ كُلُّ واحدٍ بواحدٍ، فذاك، وإن اختلفا، عُمِلَ بقول مَنْ يدعو إلى الاشتراك.
وذكر أنه لو كان للأبوَيْنِ المحتاجَيْنِ ابنٌ، لا يَقْدِر إلا على نفقة أحَدِهما, وللابْنِ ابنٌ موسرٌ، فعلى ابْنِ الابْنِ باقي نفقتهما، فإن اتفقا على أن ينفق عليهما بالشركةَ أو عَلَى أن يختص كلُّ واحدٍ منهما بواحدٍ، فذاك، وإن اختلفا رجعنا إلى اختيار الأبوين، إن
= حكيم عن أبيه عن جده معاوية بن حيدة، ورواه أبو داود من طريق كليب بن منفعة عن جده نحوه، وعن المقدام بن معدي كرب سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: إن الله يوصيكم بأمهاتكم، ثم يوصيكم بآبائكم، ثم بالأقرب فالأقرب، أخرجه البيهقي بإسناد حسن.