للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا، فلا تُمنَعُ الأم من زيارته (١)، والأولُ أصحُّ عند صاحب "التهذيب" وأجاب الأكثرون بالثاني، ونَسَبُوا الأَوَّلَ إلى مذْهَب أبي حنيفة، [ثم] في الفصل مسألتان، نذكرهما مع ما يناسبهما: إحداهما: لو أسلمت الكافرةُ أو أفاقتِ المجنونةُ أو عَتَقَتِ الأمة أو حَسُن حال الفاسِقَةِ، تثبت لها الحضانة؛ لارتفاع المانع، ولو طُلِّقت التي سَقَطَ حقُّها بالنكاح، عاد حقُّها خلافاً لمالك.

لنا القياس على الصورة المذكورة، ولا فرْقَ بين أن يكون الطَّلاق بائناً أو رجعيّاً؛ لحصُول الفراغ في الحالَتَيْنِ، هذا هو الظاهر المنصوص.

وقال أبو حنيفة والمزنيُّ لا يعودُ حقُّها بالطلاق الرجعيِّ، حتى تنقضي العدة، وعن ابن سُرَيْج: تخريج قول مثله لمضاهاة الرجعية المَنْكُوحة في الأحْكَام، واحتج له الشيخ أبو عليٍّ، بأن الرجعيَّة تستحق النفقة علَيْه، ولو كان لها أن تحصن ولدها منْ غَيْرِه وتُرْضِعَه، لسقطت نفقتها، كما قال الشافعيُّ -رضي الله عنه-: في امرأة المفقود، إذا اعتدت بأمْرِ الحاكم، ونكَحَتْ ثم عاد الزوْج الأول، وقد ولدت من الثاني: أنه لا نفقةَ علَيْه في إرْضَاعِها وَلَدَ غيرِهِ، وعلى الأول: فإنما يعود حقُّها في [الحضانة] إذا كانت تعتد في بيْتِ الزوج، إذا رضي أن يَدْخُلَ الولد بيته، فإن لم يَرْضَ، لم يَكُنْ لها أن تُدْخِلَه بيته، وكذا في البائنة، وإذا رَضِيَ، لم يكن رضاه كالرِّضَا في صُلْب النكاح؛ لأن المنع هناك؛ لاستحقاقه الاستمتاع، واستهلاك منافعها فيه، والمنع هاهنا يَرْجع إلى المسْكَن، فإذا أذن كان كالمعير.

والثانية: إذا امتنعت الأمُّ من الحضانة، أو غابت، فهَلْ ينتقل حقُّ الحضانة إلى الجَدَّة؟ فيه وجهان:


(١) قال الأذرعي: أصل الخلاف قول التهذيب فلو جف لبن المرأة أو امتنعت من الإرضاع لا يبطل حقها من الحضانة، وعلى الأب أن يستأجر امرأة ترضعه عند الأم. وقيل: إذا امتنعت من الإرضاع بطل حقها من الحضانة، والأول أصح.
وقال في الكافي: إنه المذهب فخصصا نزع الولد بما إذا امتنعت مع وجود اللبن كما اقتضاه كلام المحرر. وقضية ذلك أنه لو لم يكن لها لبن أو كانت ذات لبن وأبت إرضاعه أنه يسقط حقها على الصحيح، وبه صرح ابن الرفعة تبعاً لهما فعد من الموانع فقد الرضاع منها إما بامتناعها أو بعدم اللبن منها، وقد تتبعت المسألة في كتب الطريقين على كثرتها فلم أرها إلا في التهذيب والكافي على النمط الذي ذكرته عنهما وكلام الطريقين يقتضي الجزم بعدم اشتراط كونها ذات لبن إلى آخر ما ذكره. وقال الشيخ البلقيني: ما ذكره تبعاً لأصله من وجه الاشتراط لا يعتقد أنه محمول على الصورتين المذكررتين في عدم الاشتراط بل المراد على الأصح إذا كانت ذات لبن كما صرح به في المحرر وحاصله أنه إن لم يكن لها لبن فلا خلاف في استحقاقها وإن كان لها لبن وامتنعت فالأول يفي استحقاقها والأصح لا. انتهى.
وبالغ الزركشي في الرد على الرافعي بعبارة خشنة، قاله البكري في حاشيته على الروضة.

<<  <  ج: ص:  >  >>