للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: أنه يرجح من اختص بتلك الزيادة، وأظهرهما التخيير ويجري التخيير بين الأم والجد عند عدم الأب كالتخيير بين الأبويين وهل يجري التخيير بين الأم وبين من على حاشية النسب؛ كالأخ والعم تفريعاً على ثبوت الحضانة لهم، وهو الظاهر؟ فيه وجهان:

أحدهما: لا، بل الأم أحق لقربها وولادتها، كما قبل التمييز.

وأظهرهما: نعم، ويَدل عليه ما رُوِيَ عن عِمَارةَ الجرمي -رضي الله عنه- قال: خَيَّرنِي عَلِيٌّ -كرم الله وجْهَه- بَيْنَ [أمي وعمي وأنا ابن سبع سِنِينَ أو ثمان، وفي ابن العم مثْلُ هذا الخلاف، ولكن في الولد الذكر، أما الأنثى، فلا تخير، بل تكون مع الأمِّ؛ لأنه ليس بمحرم، قاله في "التهذيب" ويجري الخلاف في التخْيير بيْن الأبِ وبين الأخْتِ والخالة، إذا قدَّمْناه عليهما قَبْل التمييز [على] ما سنبينه -إن شاء الله تعالى-.

وإذا اختار أحَدَ الأبوَيْنِ ثم اختار الآخَرَ، حوَّلْناه إليه، فإن عاد، واختار الأوَّل، أعدناه إلى الأَول، وذلك لأنه قد يبدو له الأمر على خلاف ما ظنه، ولأن المتبع شهوته، وقد اشتهى المقام عنْد أحدهما في وقْت، وعند الآخر في وقت آخر [كما يشتهي طعماً في وقت، ويميل عنه في وقْت آخَر]، ولأنه قد يقصد مراقبةَ الجانبَيْنِ، فإن أكثر التردُّد بحيث غلب على الظن أن سببه نقصانه وقلة تمييزه، فيُجْعَل عند الأم، كما قبل وقت التمييز، وكذا لو بلغ، وهو على نقصانه وخَبَله، ويتعلَّق بالتخيير مسألتان أخريان:

إحداهما: إذا اختار الأَبَ، وسُلِّم إليه، فإن كان ذكراً، لم يمنعه الأب من زيارة الأم، ولا يحوجها إلى الخروج لزيارته، وإنْ زارته، لم يمْنَعْها من الدخول (١) علَيْه وله منْع الأنثَى من زيارة الأمِّ, والأم إذا شاءت خَرَجَت إلَيْها للزيارة، فهي أولى بالخروج من البنت؛ لسنها وتجربتها، والزيارةُ تكون في الأيام مرةً على العادة لا في كلِّ يوم، وإذا دخَلَتْ، لم تُطِلِ المكث، وإذا مرض الولدُ ذكراً كان أو أنْثَى، فالأم أولَى بتمريضه؛ لأنها أشفق وأهدى إلَيْه، فأشبه الحضانة في مبدأ الصِّغَر، فإن رَضِيَ بأن تُمَرِّض في بيته، فذاك، وإلا، فينتقل الولَدُ إلى بَيْتِ الأمِّ, ويجب الاحتراز عن الخَلْوة، إذا كانَتْ تُمَرِّض في بيته، وكذا إذا زارَتِ الولَدَ، فإن لم يكُنْ هناك ثالثٌ، فيخرج حتى تدخل، وإذا مات، لم تمنع من الحضور للغسل والتجهيز، إلى أن يدفن وإذا مرضت الأم، لم يَمْنع الأبُ الولدَ مِن عيادتها ذكراً كان أو أُنْثَى، ولا يُمَرِّضُها.


(١) عدم المنع هل هو على سبيل الوجوب أو الندب؟
قال ابن الرفعة: الذي صرح به البندنيجي ودل عليه الماوردي الوجوب قال في الخادم: وبه صرح الإِمام ثم نقل عن الجرجاني الاستحباب فحصل وجهان.

<<  <  ج: ص:  >  >>