أحدهما: أنَّه هلْ يجبُ القِصَاص في شُفْرَي المرأة، وفيه خلافٌ.
وجوابُ الكتابِ: أنه يجب.
والثاني: أن العضْو الأصليَّ لا يُقْطَع بالزائد، ويُقْطع الزائد بالزائد بشَرْط اتحاد المحلِّ، وهل يشترط أن يكون ما للجانِي أكْبَرَ أوْ لا يُنْظر إلى الصغر والكبر فيه وجهان، وسيأتي شرْح الأصلَيْن في موضعهما -إن شاء الله تعالى- إذا عُرِفَ ذلك.
فلو قطع رجلٌ ذكَرَ خنْثَى مشكِل وأنثييه، وشُفَريْه، فلا قصاص في الحال؛ لاحتمال أن المقطُوع امراةٌ، وأن الذكر الأنثيين منْه زائدةٌ، ثم يُنْظَر؛ إنْ صبر المقطوعُ إلى أن ينكشف حاله في الذكورة والأنوثة، فذاك، فإن بأن ذكَرَاً، اقتصر من القاطع في الذكَر والأنثيين، وأخذت حكومة الشُّفْرَين، وإن بأن أنثى، فلا قصاص وتؤخذ دية الشفرين، وحكومةُ الذكر والأنثيين، وإن لم يصبر إلى انكشاف الحال، فإن قال عفَوْتُ عن القصاص، إن كان لي قصاصٌ، وطالب بحقه من المال، فالذي يستحقه بتقدير الذكورةِ مائةٌ من الإبل للذَّكَر، ومائة للأنثيين، وحكومةُ الشَّفْرَيْن معتبرةٌ بهذه الدية وبتقدير الأنوثة خمسون من الإبل للشفرين وحكومة الذكر معتبرة بهذه الدية، وحكومة الأنثيين كذلك فإن حكومة كلِّ عضو بتقدير الأنوثة تعتبر بدية الإناث، والمَبْلَعُ الثاني أقل من الأول بكثير، فيُدْفَعْ إليه هذا المبلغُ المستيقَنُ، ثم إن بأن بعد ذلك أُنْثَى، فقد أخذ حقه، وإن بأن ذكَراً، سُلِّم إليه تتمة المبلغ الأول.
وحكى الإِمام عن بعض الأصحاب أنَّا نوجب في كل عضْوٍ الحكومةَ؛ لأنه يُحْتَمَل أن تكون واجبةَ الحكومة، فلا نوجب الدية بالشك.
قال: وهذا ضعيف؛ لأن استحقاق القدر المذكور مستيقَنٌ، وإن لم تتحقَّق جهَتَه، وإنما يتجه ذلك إذا تعدَّد الجاني، فقطع قاطع ذكره وأنثييه، والآخر شفريه، وعفا المقطوعُ عن القصاص، لا نوجب على كل واحد إلا حكومة ما قطعه، وإن لم يَعْفُ عن القصاص، وقال القصاص غير متوقَّع في جميع ما قَطَعَ منى، وطالب بما يجبُ له مع القصاص، فهل يُعْطَى شيئاً؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا، وبه قال ابن أبي هريرة، ويُحْكَى عن القفَّال أيضاً؛ لأنا لا ندري أن الواجب ديةٌ أو حكومةٌ، وأنه إن وجَبَتِ الحكومةُ، فهي حكومةُ الذَكَرِ والأنثيين أو حكومة الشَّفْرَيْن وأيضاً، فإن حكومة الذكر مشكوك فيها لجواز كونه رجُلاً، وكذا حكومة الشَّفْرَيْن؛ لجواز كونه امرأة، نوجب شيئاً بالشَّك.
وأصحُّهما: نعم؛ لأنا نستيقن وجوب شيْء من المال، وإن اتفق القِصَاصُ، فليعطَ المستيقَنُ، وعلى هذا، ففيما يُعْطَى أوجه: