للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحال، فإن بانا ذكرين أو أنثيين، قطع الأصلىُّ [بالأصليّ] والزائد بالزائدة إن تساويا على ما أشرنا إليه، وإلا، ففي الزائدِ الحكومةُ، وإن بان أحدهما ذكراً والآخر أنثَى، فقد تبيَّن الحكم، ولو عفا المجنيُّ عليه قبل تبين الحال، دُفِعَ إليه مِنَ المستيقن وهو دية الشفرَيْنِ، وحكومة الذكر والأنثيَيْنِ، وإذا لم يَعْفُ، فقد نقل الإِمام وأبو الحَسَن العبَّاديُّ: أنهُ يدْفَع إليه أقلُّ الحكومتين، والصحيح أنه لا يُدْفَع إليه شيْءٌ في الحال، إذ كان القصاص متوقَّعاً في الكلِّ، واعلم أن انكشاف حال الخُنْثَى قد يكون بشَيْءٍ من الإمارات الخِلْفية، كالبول والمَنِيِّ، فالحُكْم على ما بينا، وقد يكون بالرجوع إلى قوله: ليخبر عن ميله إلى الرجال، فيكون امراة أو إلى النساء فيكون رجلاً، فإن أخبر عن حاله، ثم جَرَتِ الجناية، اعتمد قوله حتى إذا كان القاطِعُ رجلاً، وكان قد قال: أنا رجلٌ، استوفى القصاص، وإن جرَتِ الجنايةُ، ثم قال: أنا رجلٌ، فهل يُقْبَل قوله، لإيجاب القصاص، ولإيجاب دية الذكر والأنثيين؟ فيه وجهان:

أحدهما: نعم كما يقبَل قبل الجناية؛ ولأنه أعرف بحاله وأظهرهما؛ على ما ذكره القفَّال والإمام: المنْعُ؛ لأنه متَّهَم فيه وشُبِّهَ ذلك بما إذا شَهِدَ برؤبة هلالِ شَوَّال فلم يَقْبَل القاضِي شهادَتَه، ثم رآه يَأْكُلُ، لا يعزره، ولو رآه يأكل، فقال: رأيت الهلال، يعزره؛ لأنه متَّهم بالدفع، ولو ثبت الغَصْب عليه بشهادة رجل وامرأتينِ، ثم قال: إن كنت غَصَبْت، فامرأتي طالقٌ، يقع الطلاق، ولو قال أولاً: إن كنت غَصَبْتُ، فامرأتي طالقٌ، فأقامت رجلاً وامرأتين على أنه غصب، لا يقع الطلاق على الأظهر، ولو اختلف الجاني والمقْطُوع، فقال الجاني قد أقررتِ بِأنَّكِ امرأةٌ، فلا قصاصَ لك، وقال: بل قلْتَ: إنِّي رجُلٌ، فقولان في أن القولَ قولُ من الحكايةُ عنْ نَصه -رضي الله عنه- في مواضع، وهو الذي رجَّح أن القول قولُ الجانِي؛ لأن الأصْل أنَّه لا قصاصَ والمقطوع متهم في قوله.

والثاني: ويُنْسَب إلى رواية ابن سُرَيْج: أن القول قوْلُ المَقْطُوع؛ لأنه أعرف بحاله، واختلاف الجانِي والمقْطُوع يجوز أن يُفْرَض في. إخباره عن الذُّكُورة والأنوثة قبل الجناية، ويجوز أن يُفْرَض في إخباره بعْد الجناية، إذا قلْنا: إنَّ قوله بعد الجناية مقبولٌ معمولٌ به.

وقوله في الكتاب: " إذا قطع رجلٌ ذكَرَ خنْثَى مشكِل وشفْريْه" يريد قطع الذكر مع الأنثيين وإن لم يتلفَّظ بالأنثيين؛ ألا تراه كرَّر ذكْرَهما في الفَرْع غَيْرَ مَرَّةٍ.

وقوله: "سُلِّم إليه دية الشفرين" يجوز إعلامه بالواو؛ للوجه الذي نقل الإِمام أن الواجِبَ في كلِّ واحدٍ منهما الحكومة.

وقوله: "بل يصرف إليه أقلُّ الأمرين" إلى آخره ينازع فيه الوجه الذاهِبُ إلى أَنَّ الواجب أقَلُّ الحكومتين والوجْه الآخر: إن الواجب حكومةُ المَقْطُوعِ آخراً وللإعلام فيه

<<  <  ج: ص:  >  >>