للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آخر، وقطع يده الأخْرَى أو رجْلَه، فيُنْظَر؛ إن اندملتِ الجراحتانِ، فلا قصاص على الأول، إن كان حُرّاً، وعليه نصْفُ القيمة للسيِّد، وعلى الثانِي القصاصُ أو نصْفُ الديةِ للمقطُوع، وإن مات منهما، فلا قصاص على الأول، لا في النفس، ولا في الطَّرَف إذا كان حرّاً وأما الثاني، فللوارث أن يقتص في الطرف النفْسُ؛ لأن سقوطه عن الأوَّل كان لِمَعْنى يختصُّ به، وهو عَدَم الكفاءة.

والثاني: كُفْءٌ هو أشبه شريك الأبِ، وفيه طريقان آخران:

أحدهما: أنه على القولَيْن في شريك السَّبُع.

والثاني: أنَّه لا قصاص عليه؛ لأنه مات مِنْ جُرْح صادَفَ رقاً وحرية، فأشْبَه ما إذا جرح مَنْ نصْفُه حرٌّ ونصْفُه رقيقٌ، ونسب القاضي ابن كج إلى أبي الطيِّب بن سَلمَةَ طريقة القولَيْن، والأكثرون نسَبُوا إليه الثاني، لماذا أوجبْنا القصاصَ، فلو عفا المستحقُّ، فعليه كمال الدية، وللسيِّد الأقلُّ من نِصْف الدية، ونصف القيمة على القولَيْن جميعًا؛ لأنه مات بجنايَتَيْن حصةُ كلِّ واحدةٍ مع سرايتها نصْفُ الدية، فيكون حقه فيما وجب عَلَى الأول، ولا حَقَّ له فيما يجب على الثانِي؛ لأن جنايته لم تكُنْ في ملكه، وإن اقتص الوارث مِنَ الثاني، بقي على الأول نصْفُ الدية، فإنْ كانَ قَدْرَ نصْفِ القيمةِ أو أقلَّ، أخَذَه السيد، وإن كان أكْثَر، فالزيادة للوارث، ولو قطع حُرٌّ يدَ عَبْدٍ، فعَتَقَ، ثم عاد، وقطع يده الأخْرَى، فمات منهما، فللوارث القصاص في الطرف الثاني دون الأول، ولا يجب عليه قصاص النفس؛ لأنه مات بجراحتين إحداهما موجِبَةٌ للقصاص، والأخرَى غير موجبة، وقد ذكرنا أنه لا قصاص في مثْل ذلك، وحكى القاضِي ابن كج وجهاً ضعيفاً: أنه يجب، إذا عفا المستحقُّ عن قصاص الطَّرَف، فعليهما الدية، وإن استوفاه، بقي على الجاني نصْفُ الدية، وحُكْمُ ما للسيد في الحالتين على ما ذكَرْنا فيما إذا كان القَاطِعُ غيره، ولو قطع أصبع عبْدٍ فعَتَق، ثم جاء آخر فقَطَع يده، ومات منهما، فعليهما الدية للسيد على أحد القولَيْن؛ الأقل من نصْفِ الدية، ونصْفِ القيمة، وعلى الأصحِّ الأقلُّ من نصْف الدية وعُشْر القيمة، فهذا ما نُقدِّمُه.

أما صورتا الكتاب، فإحداهما.

قَطَع إحدى يدَيْ عبْدٍ فعَتَقَ، ثم جرحه رجلانِ آخران بأن قطع أحدهما يده الأخرى، والآخر رجلَهُ، ومات منهما، فلا قصاص على الأوَّل لا في النفس ولا في الطَّرَف، إذا كان حرّاً، وعلى الآخرين القصاصُ في الطَّرَف، وكذلك في النفس، وفيه خلاف ابن سلمة.

وأما الديةُ، فيجب موزَّعةً على الجُنَاة الثلاثة على كل واحدٍ ثلثها، ولا حقَّ للسيد فيما يجب على الآخرين، وإنما يتعلَّق حقُّه بما يجب على الجاني في الرِّقِّ، وفيما

<<  <  ج: ص:  >  >>