للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك حكاه الإِمام عنهم منسوبًا إلى النص، وهو موافق للنصِّ الذي حكيناه فيما إذا اختص رأْس الشاج بالشعر على موضع الموضحة، لكن الشيخ أبي حامد وغيره: أنه يكمل فيها الدية، فقال الإِمام، على سبيل الاحتمال: القياس جريانُ القصاصِ، وإن عدمت الأظفار؛ لأنها زوائدُ ولو لم يَجُزْ القصاصُ، لَمَا تمتْ دية اليد، ولا الأصبع الساقطة الظُّفُر، وجرى صاحب الكتاب على ما أبْدَاه الإِمام احتمالاً وترك المنقول الظاهر، ووَفَّى صاحب "التهذيب" بقياس المنقول عن القصاص، فقال: ينقص عن الدية شيْءٌ وكما لا تُقْطَع اليد الصحيحة بالشلاء، لا تقْطَع بالتي فيها أصبع شلاء، ولا يجير الشَّلَلُ في أصبع بالصحة في أخرى، فلا يجري القصاص في الكُوع بين اليد التي مَسَبِّحَتُها شلاء، والتي وسطاها شلاء، فإن استويا في الشلل، فهما كالشلاوين.

فرْعٌ: سليم اليد إذا قَطَعَ يداً شلاء، ثم شَلَّتْ يَدُهُ، ذكر الإِمام أن شيْخَه قال: خرَّج القفَّال قولَيْن في الاقتصاص منه، ثم رجَعَ، وقطع بالمنع وهو الذي رآه الإمامُ مَذْهَباً والجواب في "التهذيب": أنه يقتص منه، وكذا لو قطع يدا ناقصةٌ بأصبع، ثم سقَطَتْ تلك الأصبع من القاطع، بخلاف ما لو قَطَع ذميٌّ حرٌّ يدَ عَبْدٍ، ثم نقض العهد فسبى، واسترق، لا تقطع، ولو قتله، لا يقتل، وفرق بأن القصاصَ هناك امتنع لَعَدَمِ الكفاءة، والكفاءة تراعي حال الجناية؛ ألاَ تَرَى أنه لوْ قتل ذميٌّ ذميّاً أو عبدٌ عبداً، ثم أسلم القاتل، أو عتق، يقتص منه، والامتناع هاهنا لزيادةٍ محسوسةٍ في يد القاطع والاعتبار فيها بحالة الاستيفاء، فإذا زالَتْ، قطع ولذلك لو قَطَع الأشلُّ يدًا شلاَّء، ثم صحَّت يد القاطع، لا يقتص منه؛ لوجود الزيادة عند الاستيفاء، قال: وكذلك اليدُ بأظفارها لا تُقْطع بالتي لا أظفار لها، فلو سقَطَتْ الأظفار القاطع، قُطِعَتْ بها، واليد التي لا أظْفار لها تُقْطَع بمثلها، فلو نبتَتْ أظفارُ القاطِعِ لم تقطع لحدُوث الزيادة.

الثانية: يجب في قطع الذَّكَر، وفي قطع الأنثيين أو في شَلِّهما القصاصُ، ولو دق خصيتيه، ففي "التهذيب" أنه يقتص بمثله، إن أمكن، وإلا وجَبَتِ الديةُ ويشبه أن يكون الرِّقُّ ككسر العظام، ولو قطع أو أشل إحْدَى الأنثيين (١)، وقال أهل البصر: يمكن القصاص من غير إتلاف الأخْرَى اقتص، وذكر القاضي الرويانيُّ: أن الماسرجسيَّ قال: إنه ممكن، وأنه وقع في عهْدِه لرجُلٍ من أهل فراوه وفي قطْع الذكر والأنثيين جميعاً القصاصُ سواء قطْع العضوَيْنِ معاً أو على الترتيب.

وعند أبي حنيفة إِنْ قطعهما معاً أو الذَّكَرَ أولاً، ففيهما القصاص، وإن قطع


(١) وهذا تحريف غير متعقل إذ الأنثيان لا يمكن إشلالهما، ولو تصور فلا قصاص في الإشلال إذ لا يمكن التماثل فيه على المذهب.

<<  <  ج: ص:  >  >>