للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجوز للمكره على إتلاف المال إتلافه وله ولصاحب المالِ دفْعُ المكرِهِ [بما أمكنهما، وليس لصاحِبِ المال دفْع المُكْره] (١) بل عليه أن يقي رُوحَهُ بمالِهِ، كما يناول المضْطَرُّ طعامه.

عن فتاوى صاحب "التهذيب": أن الموكَّل باستيفاء القصاصِ إذا قال: قتلتُه بشهْوة نَفسِي لا عن جهة الموكِّل، يلزمه القصاص، وينتقل حقُّ الوارث إلى التركة.

وأنه إذا قتل أحدَ عَبْدِي الرجل العَبْد الآخر، فللسيِّد أن يقتص، وأن يعْفُوَ، ولا يثبت له مالٌ على عبْده، فإن أعتقه، لم يسقُطِ القصاص، ولو عفا بعْد العتْق مطلقاً، لم يثبت المال؛ لأن القتل لم يثبته، ولا يخرج على أن العفْو المُطْلَق، هل يوجِبُ المال، وإن عفا بعْد العتق على المال ثبت المال، وأنه لو قطَع يدَيْ إنسانِ إحداهما عمْداً، والأخْرَى خطأً، فمات منهما، لا يجب القصاص في النفْس، ويجب نصْف [ديتها] في مال الجاني، ونصْفُها على العاقلة، فإن استوفَى الوليُّ قصاصَ اليد المقطوعة عمْداً، فمات الجاني منه، يكون مستوفياً لحقِّه، ولا يبقى له الدية على العاقلة، كما لو قَتَل مَنْ له عليه القصاصُ خطأً يكون مستوفياً لحقِّه وإنَّه إذا وجَب القصاصُ على مرتدٍّ، فقتله الوليُّ عن جهة الردةِ، نُظِر؛ إن كان وليُّ القصاص هو الإِمام، فله الدية في تركة المرتدِّ؛ لأن للإمام قتْلَهُ عن الجهتَيْن، وإن كان الوليُّ غير الإِمام، وقع قتله عن القصاص ولا دية له؛ لأن غير الإِمام لا يَمْلك قتله عن جهة الردَّة.

[قال: وكذلك لو اشترى عبداً مرتدّاً، وقتله المشتري قبل القبض عن الردَّة، ينفسخ العقْد، إن كان المشتري الإمامَ، وإن كان المشترِي غيْرَه، صار قابضاً، كما لو قتله ظُلماً محضاً.

وأنه لو ضرَبَ زوجتَهُ بالسَّوْط عشْرَ ضربات فصاعداً على التوالي، فماتت، نُظِر؛ إن قصد في الابتداء العدَدَ المُهْلِك، وجب القصاص، وإن قَصَد تأديبَها بسوطَيْن أو ثلاثة ثم بدا له فجاوز لم يجب لأنه اختلط العمد بشبه العمد فإن اقتصر على سوطين أو ثلاثة فماتْت لا يجب القصاص، ويكون شبه عمدٍ وأنه لو ضرب سنه فزلزلها ثم سقطت بعْد ذلك، يجب القصاص، وكذا لو ضرَب على يده، فاضطربت أو تورمتْ، ثم سقَطَت بعْد أيام، وأنَّه لو أشكلَت الحادثةُ على الحاكم، وكان متوقفاً فروى إنسانٌ خبراً عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وقتل الحاكم به رَجُلاً، ثم رَجَعَ الراوي، وقال كذَبْتُ وتعمَّدتُّ، ينبغي أن يجب القصاصُ كالشاهد إذا رجَع، والذي ذكره الإمامُ والقفَّال في الفتاوى: أنَّه لا يتعلَّق به القصاص بخِلاَف الشهادة والرجُوع عنهما، فإنها تتعلَّق بالواقعة، والخَبَرُ لا يتعلَّق بها


(١) سقط من: أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>