للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأن الشَّافعي -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: قال كان مالك يذكر أنَّه السُّنة، وكنت أتابعه عليه، وفي نفسي شيء منه حَتَّى علمت أنَّه يريد سُنَّة أهل "المدينة"، فرجعت عنه.

والثاني: الاختيار، فإنه يرد الواجب إلى الغرّة، والقول فيه مؤخر إلى القسم الرابع من الكتاب.

الثالث: الرّق، فيجب في قَتْل العبد قيمته، سواء كان القتل عمداً أو خطأً، وسواء نقصت القيمةُ عن قدر الدية، أو زادت مسلوكاً به مَسْلك الأموال، ولذلك لو تَلِفَ في يد الغاصب ضمنه بتمام قيمته، وبهذا قال مالك وأحمد.

وعند أبي حنيفة: لا يزاد الواجب على دِيَةِ الحُرّ، بل ينقص منه عشرة دراهم.

وفي رواية ينقص في حقِّ الأَمَةِ خمسة.

وأما أطراف العَبْدِ وَجِرَاحاته، فالذي يجب فيها مذكور في آخر القسم الأول من الكتاب، وقد يعترض في لفظ الكتاب من وجهين أحدهما (١) أنَّه الآن يتكلّم في مُنْقِصَات الدية، فكيف يليق به أن يقول: وإن زادت على دية الحر، فإن الرِّقَّ حينئذ يكون موجباً للزيادة دون النُّقْصَان.

والثاني: أنَّه قال: يرد إلى قدر القيمة، والرد إلى الشيء في هذا المعرض يقتضي كون المردود إليه أنقص، فكيف ينتظم أن يقول معه: وإن زادت على دية الحر.

والجواب على الأول أن قَدْر القيمة في الغالب دون قَدْر الدية، والرق يقتضي القيمة، فيكون منقصاً في الغالب، فلذلك عَدَّهُ من المنقصات، ويمكن أن يقال: القيمة ناقصة، وما يرد إليها فهو منقص، وإن زاد قدرها على قدر الدية لما فيه من العرض على المقومين والإلحاق بالبهائم، وسائر الأموال، ويخرج به الجواب عن الثاني.

قال الغَزَالِيُّ: وَالْكُفْرُ فَإِنَّ دِيَةَ اليَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ ثُلْثُ دِيَةِ المُسْلِمِ، وَدِيَةِ المَجُوسِيِّ ثَمَانْمَائَةُ دِرْهَمٍ، وَالْمَعَاهَدُ كَالذِّمِّيِّ، وَأَمَّا عَبَدَةُ الأَوْثَانِ وَالزَّنَادِقَةُ وَالمُرْتَدُّونَ فَلاَ عِصْمَةَ لَهُمْ، فَلَوْ دَخَلَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بِأَمَانٍ كَفَفْنَا عَنْ قَتْلِهِ، فَإِنْ قُتِلَ وَجَبَ أَخَسُّ الدِّيَاتِ في الوَثَنيِّ، وَلَمْ يَجِبْ شَيءٌ في الْمُرْتَدِّ، وَفِي الزِّنْدِيقِ تَرَدُّدٌ، وَأَمَّا الَّذِينَ لَمْ يَبلُغهُمْ دَعْوَتُنَا فَقَدْ قِيلَ: يُقْتَلُ المُسْلِمِ وَبِقَتْلِهِ، وَقِيلَ: لاَ قِصَاصَ وَيجِبُ دِيَةُ المُسْلِمِ، وَقِيلَ: يَجِبُ دِيَةُ ذَلِكَ الدِّينِ، وَأَمَّا المُسْلِمُ فِي دَارِ الحَرْبِ إِذَا لَمْ يُهَاجِرْ فَهُوَ كَالمُسْلِمِ المُهَاجِرِ فِي العِصْمَةِ، وَالصَّابِئونَ مِنَ النَّصَارَى، وَالسَّامِرَةُ مِنَ اليَهُودِ، فَإِنْ كَانُوا مُعَطَّلَةَ في دِينِهِمْ فَلاَ دِيَةً لَهُم.


(١) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>