للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجبت أخَسُّ الديات، وهي دية المَجُوسي والوثني، وعابد الشمس والقمر، ولا يجب في المرتد شيء، فإنه مقتول بكل حال، وليس من أهل الأمان.

قال الإِمام: ولو تحزبت طائفة من المرتدين، ومست الحاجة إلى سماع رسالتهم، فإذا جاءنا رسول منهم فقيل: لا يتعرض له، لكن لو قتل لم يتعلق بقتله ضمان، وفي الزنديق للشيخ أبي محمَّد تردد أنه يلحق بالمرتد، أو الوثني.

والأصح إلحاقه بالوثني؛ لأنه لم يسبق منه التزام الإِسلام، وكان إلحاقه بالمرتدين من جِهَةِ أنه يظهر الإِسلام، وإن كان يستسر بالكُفْر، فإظهاره لإسلام يجعل كإسلام المرتد من قبل، ومن لا عَهْدَ له ولا (١) ذمة ولا أمان من الكفار لا ضمان في قتله على أي دين كان المرتد (٢) وجميع ما ذكرناه في الكَافِرِ الذي بلغته دعوتنا، وخبر نبينا -صلى الله عليه وسلم-.

أما من لا يبلغه دعوتنا، فلا يجوز قتله قَبْل الإعلام، والدعاء إلى الإِسلام، ولو قتل، كان مضموناً خلافاً لأبي حنيفة، وبني الخلاف على أنه مَحْجُوج عليه بالعَقْدِ عنده، وعندنا من لا تثبت لم تبلغه الدعوة الحُجّة، ولا تتوجه المُؤَاخذَة، قال تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: ١٥] وبم يضمن؟ أما الكفَّارة (٣) فتجب بلا تفصيل، ثم له أحوال ثلاث:

إحداها: إذا لم تبلغه دعوة نبي أصلاً، فعن القَفَّال أنه يجب القِصَاصُ بقتله، فإنه لم يوجد منه عناد وإنكار، وهو على الفِطْرَةِ الأصلية بأسرها لم يجب إلاَّ أرْشُ والظاهر أنه لا قصاص لعدم التكافؤ ونقل نصان في أنه تجب الدية الكاملة أخس الديات فأقامهما بعض الأصحاب قولين يوجه أحدهما بأنه معذور والآخر بأنه لا دين له وقطع آخرون بوجوب الأخس وحمل النص الآخر على الحالة الثانية.

الثانية: إذا كان متمسك بدين لم يبدل ولم يبلغ ما يخالف ففيه الوجه الذاهب إلى وجوب القصاص وهو أقرب هاهنا لأن الدين الذي لم يُبَدَّلْ حقٌ وهو في التمسك به محسنٌ والحالة هذه، وإذا قلنا لا يجب القصاص وهو الظاهر ففي الدية الواجبة وجهان أحدهما: الدية الكاملة والثاني: دية أهل ذلك الدين فإن منصب ذلك الدين لا يقتضي الزيادة عليها.

الثالثة: إذا كان متمسك بدين لحقه التبديل لكنه لم يبلغه ما يخالفه فلا يجب


(١) سقط في ز.
(٢) قال النووي: قد سبق خلاف في الذمي والمرتد إذا قتلا مرتداً هل تجب الدية؟ فإن أوجبناها فهىِ دية مجوسي، ذكره البغوي.
(٣) في ز: الكفار.

<<  <  ج: ص:  >  >>