للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الهَاشِمة عشرًا من الإبل (١)، وأن منهم من قال: لم يرد فيه خبر، وإنما قدر الواجب فيه بالاجتهاد، وذلك لأنها متوسّطة بين شجتين لكل واحد منهما أرْش مقدّر، فيكون لهما أرش مقدر كالمُنَقّلة، وهذا ما يوجد لعامة الأصحاب، ورواية عن زيد -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- موقوف عليه وقال مالك: يجب في الهَاشِمة أرش موضّحة، وحكومة.

وفي أمالي أبي الفَرْج السَّرخسي نقل قول عن القديم كمذهب مالك، وإذا وصلت الجِرَاحَةُ إلى الخَرِيْطَةِ المُحيطة بالدِّمَاغ، وهي المأمومة، ففيها ثلث الدية، روي ذلك عن النبي -صلى الله عليه وسلم- برواية عمر (٢) -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وفي كتاب عمرو بن حزم (٣) -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- لأن المأمومة جراحة وصلت إلى الجَوْف، وفي الجَائِفَة ثلث الدية على ما سيأتي إن شاء الله تعالى.

وأما الدَّامِغَة الخَارِقة للخريطة (٤)، ففيها طريقان ذكر الشيخ أبو حامد، ومن تابعه أن فيها ثلث الدية كالمأمومة، وأنه لا فرق بين أن تَخْرق الخريطة، أو لا تخرقها، وحكى ذلك عن نص الشَّافعي -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- فيما رواه القاضي الرُّوياني عن القاضي الطَّبري، وأشار إلى القطع به، وفي "المهذب" أن أقضى [القضاة] (٥) الماوردي أوجب فيها مع ثلث الدية حكومة لخرق الخريطة.

والطريقة الثانية: حكى الفوراني وجماعة أن في الدَّامِغَة تمام الدية؛ لأنها [تذففت] (٦) وعلى هذا جرى الإِمام، وقال: ليست الدامغة من الجِرَاح، وإنما توحى وتذفف تَذْفِيف حز الذقنة، والأولون كأنهم يمنعون كونها مذففة، ولو هشم العَظْم ولم يوضح، فوجهان:

أحدهما: وبه قال ابن أبي هريرة أن الواجب فيه الحكومة؛ لأنه كسر عَظْم بلا إيضاح، فأشبه كسر سائر العظام.

وأصحهما: وبه قال أبو إسحاق، ويقال: إن القفال قطع به أنه يجب، فيه خمس من الإبل؛ لأنه لو أوضح، وهشم وجب عشر من الإبل (٧)، ولو تجرّد الإيضاح لم


(١) أخرجه الدارقطني موقوفاً، وكذا أخرجه عبد الرزاق والبيهقي. قاله الحافظ في التلخيص.
(٢) أخرجه البيهقي وسنده ضعيف، لكنه في سنن أبي داود من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وقال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على القول به إلا مكحولاً، فإنه فرق بين العمد، والخطإ، فقال: الثلث في الخطإ، وفي العمد ثلثا الدية. قاله الحافظ في التلخيص.
(٣) تقدم.
(٤) في هامش أ: الخريطة: الدماغ.
(٥) سقط في ز.
(٦) سقط في ز.
(٧) وتوجيهه أن جنايته هي النسبة في الإيضاح، لكن أسقطه في المحرر والمنهاج لأن البط والشق من فعل المجروح فلا يكون مضموناً على الجاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>