للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: "فأما المُنَقِّلة والهاشمة في سَائِرِ البَدَن، ففيها الحكومة" مستغنًى عنه؛ لأنه قد ذكر من قبل أن في الجُرُوحِ جميعها الحكومة إلا في الموضّحة والهاشمة والمُنَقّلة والمأمومة والجائفة، وبين أن التقدير فيما سوى الجَائِفَةِ تخصيص بالرأس والوجهه، والمقدّمتان معرفان أن الهاشمة والمنقلة في سائر البدن لا ينفذ الواجب فيها.

وقوله: "ونعني بخمس من الإبل في الموضحة ... " إلى آخره المراد به: أن الخمس بعينها لا تجب أرشاً في كل موضِّحة، وإنما تجب في موضحة الرجل الكامل، وهو نصف عشر ديته، فتقاس به موضحة غيره كما بَيَّنَّا.

قال الغَزَالِيُّ: وَمَهْمَا اتَّحَدَتِ المُوضِحَةُ فَأَرْشٌ وَاحِدٌ وَلَوِ اسْتَوْعَبَ الرَّأْسَ، وَتَعَدُّدُهَا إمَّا بِاخْتِلاَفِ الصُّورَةِ أو المَحَلِّ أو الحُكْمِ أَوِ الْفَاعِلِ (أَمَّا الصُّورَةُ) فَمُوَضِّحَتَانِ فِي مَوْضِعَيْنِ فِيهِمَا أَرْشَانِ، فَإنْ رَفَعَ الجَانِي الحَاجِزَ تَدَاخَلَ الكُلُّ إِلَى وَاحِدٍ، وَإِنْ رَفَعَ غَيْرَهُ لَمْ يَتَدَاخَلْ، فَإِنْ لَمْ يَبْقَ بَيْنَ المُوَّضِّحَتَيْنِ حَاجِزٌ سِوَي الجِلْدِ أَوِ اللَّحْمِ اتَّحَدَ عَلَى وَجْهٍ، وَتَعَدَّدَ عَلَى وَجْهٍ، وَيَتَّحِدُ بِبَقَاءِ اللَّحْمِ دُونَ الجِلْدِ عَلَى وَجْهٍ (وَتَعَدُّدُ المَحَلِّ) بِأنْ يُخْرِجَ المُوَضِّحَةُ الوَاحِدَةِ مِنَ الرَّأْسِ إلَى الجَبهَةِ، وَفِي تَعَدُّدِ الأَرْشِ وَجْهَانِ (وَتَعَدُّدُ الفَاعِلِ) بِأَنْ يُوَسِّعَ إنْسَانٌ مُوَضِّحَةَ غَيْرِهِ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ أَرْشٌ, وإِنْ كَانَ هُوَ المُوَسِّعَ لمْ يَزدْ إِلَى الأَرْشِ (وَتَعَدُّدُ الحُكْمِ) بِأَنْ يَكُونَ بَعْضُ المُوَضِّحَةَ عَمْداً وَبَعْضُهَا خَطَأً أَوْ بَعْضُهَا قصَاصاً وَبَعْضُهَا عُدْوَاناً، وَفِي نُزُولِهِ مَنْزِلَةَ تَعَدُّدِ الصُّورَةِ وَجْهَانِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: لاَ فَرْقَ بين أن تكون الموضّحة صغيرة أو كبيرة واسعةً، ولا يجب فيها إلا خمس من الإبل، ويتبع اسم المُوَضِّحة، ولا فرق بين البارزة والمَسْتُورة بالشَّعَرِ، ولا بين التي يتولد منها شَيْن قبيح، وبين التي لا يتولّد، وإذا تعددت الموضّحة تعدد الأرش، وتعددها يفرض بأسباب:

أحدها: اختلاف الصورة بأن أوضح رأسه في موضعين، وبقي الجلد واللحم بينهما كما كانا فيجب أرْشَان، ولا فرق بين أن يرفع الحديدة عن موضحة ثم يضعها على موضع آخَر، فيوضحه، وبين أنْ يَجُرَّها على الرأس موضع الإيضاح إلى أن يتحامل عليها في موضع آخر، فيوضحه والجلد واللحم بينهما سليمان.

وحكى الإِمام في الحالة الثانية وجهاً ضعيفاً أن الحاصل موضِّحة واحدة لاتحاد الفِعْلِ، وتواصل الحركات، ولو كثرت المَواضِح، تعدد الأرش بحسبها، فلا ضبط.

وفيه وجه أنها إذا كثرت، وصارت بحيث لو أوجبنا لكل واحد خمساً من الإبل لزاد المبلغ على دية النفس، فلا نوجب أكثر من دية النفس، كما أنا على قول لا نوجب

<<  <  ج: ص:  >  >>