للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ذكرنا في القِصَاص أن بعضهم اعتمد غمر الرأس والضبط بالنجمين، وإذا جاز اعتماد ذلك في القصاص فأولى أن يجوز في الدية.

الثانية: يتعدد أرش الجَائِفَةِ بِتعدّدها، فلو أجاف جائفتين، ثم رفع الحاجز بينهما، أو تآكل ما بينهما، ورفعه غير الجاني، فعلى ما ذكرنا في المُوَضّحة، وتتعدد الجائفة بتعدد الصورة بأن يجرحه جِرَاحتين نَافذتين إلى الجَوْف، فإن بقي بينهما الجلدة الظاهرة، وانْخَرَقَ ما تَحْتَهَا أو بالعكس، فيشبه أن يكون الحكم كما ذكرنا في المُوَضِّحة، ويتعدد المحلّ بأن ينفذ جراحتين إلى جوفين، ويتعدد الفاعل بأن يوسع جائفة غيره، وفصله الأصحاب فقالوا: إن أدخل السِّكين في جائفة غيره، ولم يقطع شيئاً، فلا ضمان عليه ويعزر، وإن قطع شيئاً من الظاهر دون الباطن، أو بالعكس، فعليه حكومة، وإن قطع من جانب بعض الظَّاهر، ومن جانب بعض الباطن.

قال في "التتمة": ينظر في ثَخَانَةِ الجلد واللَّحم، ويقسط أرش الجائفة على المَقْطُوع من الجانبين، وقد يقتضي التَّقسيط تمام الأرش بأن قطع نصف الظاهر من جانب، ونصف الباطن من جانب، ولو لم يقطع من أطراف الجائفة شيئاً، ولكن زاد في غورها (١)، أو كان قد ظهر عُضو باطن كالكَبدِ والطَّحال، فغرز السِّكين فيه، فعليه الحكومة، ولو عاد الجاني، ووسع الجَائفة، أَو زاد في غورها لم يزد الواجب، وكان كما لو أجاف ابتداء كذلك، ويمكن أن يعود فيه الوجه في تَوْسِعَةِ الموضّحة، ويجيء في اختلاف حكم الجَائِفَةِ، وانقسامها إلى عمد (٢) وخطأ ما سبق في الموضحة، ولو ضربه بسنان أو مِشْقَصٍ له رأسان، فنفذ إلى جوفه (٣) والحاجز بينهما سليم، فهما جائفتان كما لو نفذهما بآلتين وبضربتين ولو طعنه ونفذ السِّنَان من البَطْنِ حتى خرج من الظَّهْر، أو من أحد الجَنْبين إلى الآخر، ففيه وجهان ويقال: قولان:

أصحهما: ويحكى عن مالك أن الحاصل جائفتان لما روي عن أبي بكر -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أنه قضى فيه بثلثي الدية، ولم يُخَالَفْ، وأيضاً فإنه جرحه جراحتين نافذتين إلى الجوف.

والثاني: أن الحاصل جائفة واحدة، ولأن الثانية نفذت (٤) إلى الظاهر من الباطن، والجائفة: هي التي تنفذ إلى الجوف من الظَّاهر.

وفي "الشامل" نسبة هذا إلى أبي حنيفة.

وفي "التهذيب" وغيره أن مذهبه كالأول.


(١) في ز: عددها.
(٢) سقط في ز.
(٣) في ز: الوجه.
(٤) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>