للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخرس أصليّاً أو خَرِسَ بمرضٍ، وعن أبي الطيِّب بن سلَمَة؛ أنه يمكن تخريج قول؛ أنَّ الواجب فيه الديةُ، والمذهب الأوَّل؛ وذلك إذا لم يذهب الذوْقُ بقَطْع لسان الأخرس، أو كان قد بَطَل ذوقه من قبل، فأما إذا قطع لسانه، فذهب ذوقه، وجبت الدية؛ لذهاب الذوق، ولو تعذر النطقُ، لا لخللٍ في اللسان، ولكنه ولد أصمَّ، فلم يحسن الكلام؛ لأنه لم يسمع شيئاً، فالواجبُ فيه الديةُ أو الحكومةُ، فيه وجهان يجيء ذكرهما (١)، وإذا قطع لسان الطفل، نُظِرَ إن نطق بـ"بابا" و"دَادَا" ونحوهما، أو كان يحركه عند البكاء، والضَّحِك، والامتصاص تحريكاً صحيحاً، وجبت الدية؛ لظهور آثار الكلام فيه، وعن أبي حنيفة؛ خلافه، كان لم يوجد نطقٌ وتحريكٌ في أن بلغ وقت النطق والتحريك، فالواجب فيه الحكومة؛ لإشعار الحال بالعجز، كان لم يبلغ بأن قطع لسانه عَقِيب الولادة، فالذي أورده في الكتاب أنه لا يجب الدية؛ لأن سلامته غير مستقيمة، والأصْلُ براءة الذمَّة عن الدية، وحكى الإمام قطْعَ الأصحاب به، ووقفة لشيخه أبي محمَّد فيه، والذي يوجد في كتب عامة الأصحاب وجوب الدية؛ أخذاً بظاهر السلامة، كما تجب الديةُ في يده ورجله، كان لم يكن بَطَش في الحال، وهذا ما حكاه القاضي ابن كَجٍّ عن أبي إسحاق، وذكر أن أبا الحسين نقل في المسألة قولين، وليعلَم لما ذكرنا قوله: "إلاَّ إذا قُطِعَ عَقِيبَ الولادةِ، ولم يظهر أثرُ القُدْرة"، وقوله: "وفي الأخْرَسِ حكومةٌ" يجوز أن يُعْلَم بالألف؛ لأن عنده في لسان الأخرسِ ثلثَ الدية في أظهر الروايتين.

ولو قطع بعض لسان الصبيِّ، واقتضى الحال إيجابَ الحكومة، فأخذناها، ثم إنَّه نطق ببعض الحروف، وعرفنا سلامة لسانه بلغنا بالحكومة القَدْر الذي يقتضيه القطْعُ من الدية، ولو كان للسانه طرفانِ، نُظِرَ: إن استويا في الخلقة، فهو لسان مشقوق، فيجب بقطعهما الدية، وبقطع أحدهما قسْطُه من الدية، وإن كان أحدهما تامَّ الخلقة أصليّاً، والآخر ناقصَ الخلقة زائداً، ففي قطعهما ديةٌ وحكومة، وفي الأصلي الدية، وفي الزائدِ الحكومةُ، ولا يبلغ بحكومته ديةُ قدره من اللسان من ثلث وربع وغيرهما، وفي قطع اللهاة الحكومة.

قال الغَزَالِيُّ: السَّابعُ: الأسْنَانُ وَفِي كُلِّ سِنٍّ تَامَّة أَصْلِيَّةِ مَثْغُورَةِ غَيْرِ مُتَقَلْقِلَةِ بِالهَرَمِ خَمْسٌ مِنَ الإِبِلِ مِنْ غَيْرِ تَفَاضُلِ، وَفِي الشَّاغيَةِ حُكُومَةٌ، وَفِي سِنٍّ مِنَ الذَّهَبِ تَشَبَّثَ بِهَا


(١) قال في الخادم: لم يجئ لهما ذكر فيما بعد والراجح الثاني فقد شق منه أنه لا فرق في إيجاب الحكومة في الأخرس بين الأصلي والعارض قد تريد الأسنان على ثنتين وثلاثين فإن زادت فهل يجب لكل سن خمس أم لا تجب في الزائد على ذلك إلا الحكومة كالأصبع الزائدة وجهان لم يرجح الشيخ منهما شيئاً وقال الشيخ البلقيني في تصحيح المنهاج أن الأرجح الثاني وقال في الخادم: أن القمولي قال: إن الأصح الأول.

<<  <  ج: ص:  >  >>