قَالَ الرَّافِعِيُّ: في الذكَرِ كمالُ الدية، وكذلك في الأُنْثَيَيْنِ؛ لما رُوِيَ أنه -صلى الله عليه وسلم- قَالَ في كتاب عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: "وَفِي الذَّكَرِ الدِّيَةُ، وَفِي الأنْثَيَيْنِ الدِّيَةُ"، ويروى "وفي البَيْضَتَيْنِ"، وفي إحدى الأُنْثَيَيْنِ نصفُ الديةُ يستوي اليمنى (١) واليسرى، ولا فرق بين ذكَر الصغيرِ والكبيرِ، والشيخ والشابِّ، والعِنِّينِ والخَصِيِّ، وغيرهم، وعن أبي حنيفةَ؛ أن ذكر الخصيِّ لا يجب فيه إلا الحكومةُ، وبنى على ذلك؛ أنه لو قطع قاطع أنثَيَيْهِ، ثم ذكَرَهُ، فعليه ديةٌ وحكومةٌ؛ لأنه حين قطعِ الذَّكَرِ خُصِيَ، وإن قطعهما معًا أو قطع الذكر قبل الانثيَيْنِ، فعليه ديتان، وروى القاضي الرويانيُّ مثله عن مالك؛ واحتجَّ الأصحاب بإطلاق الخبر، وبأن ذكَر الخَصِيِّ سليم، وهو قادرٌ على الإِيلاج، وإنما الفائتُ الإِيلاد، وبأنهما عضوانِ يضْمَن كل واحد منهما بالدية، ففوات أحدهما لا يوجبُ نقصان بَدَلِ الآخرِ؛ كالشفتَيْنِ واللِّسان، وفي الذكر الأشلِّ حكومةٌ؛ كما في اليد الشَّلاَّء ولو ضرب ذَكَرَهُ حتى شلَّ، فعليه الدية، ولو خرج عن أن يمكنه الجماعُ به من غير شَلَلٍ، وتعذَّر انقباضٌ وانبساطٌ، ففي "الشامل"، و"التهذيب" وغيرهما؛ أن عليه الحكومة؛ لأن العضْوَ ومنفعته باقيان، والخلل في غيرهما، وعلى هذا، فلو قطعه قاطعٌ بعد ذلك، فعليه القصاص، أو كمالُ الدية، والمسألةُ غير صافيةٍ عن الإشكال، وربما نَعُود إليها، وتكمل الديةُ بقَطْع الحَشَفة؛ لأن معظم منافع الذَّكَر، وهو لذَّةَ المباشرة، يتعلَّق بها، وأحكام الوطء تدور عليها، فهي كالأصابع مع الكفِّ، وفي قطع بعض الحَشَفَةِ قسْطُهُ من الدية، فالتقسيط يكون على الحشفة خاصَّة، أو على جملة الذكَرِ؟ فيه خلاف، وقد تقدم، وذكر في "التتمة"؛ أن هذا إذا لم يختلَّ مجرى البَوْل؛ بأن قطع بعض الذكر طولاً، أما إذا اختلَّ، فعليه أكثر الأمرين من قسْطه من الدية، وحكومة فساد المجرَى، وأنه لو قطع جزءًا من الذكَرِ مما تحْت الحَشَفة، فإن انتهتِ الجراحة إلى مجرى البَوْل، فقد مرَّ الخلاف في أنَّها هل تكون جائفةٌ، وإن لم تنته، فإن قلنا في قطع بعض الحشفة؛ إنَّ التقسيط على الحشَفة وحْدَها، فعليه الحكومةُ ههنا، وإن قلنا: التقسيطُ على جميع الذَّكَر، فعليه قِسْطُ المقطوع من الدية، وأنه إذا لم يَبِنْ شيئًا من