للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منه، وعلى الثاني، وهو كما لو مال، فلم ينقضه.

الخامسة: قِمَامَاتُ البيتِ وقُشُور البِطِّيخ، والرُّمَّان والباقِلاَّء، إذا طرحها في مِلْكه، أو في مَوَات، فَزَلِقَ بها إنسانٌ، وهلكَ، أو تلف بها مالٌ -لم يجب الضمان، وإن طرحها في الطريق، وأفضى إلى التلف، فقد حكى الإِمام وصاحب الكتاب والمتولِّي -رحمهم الله- فيه وجهين:

أحدهما: لا يجب الضمان؛ لأنه لا يعدُّ مقصِّرًا بذلك، وقد جرتِ العادةُ على مرَّ الأعصار به من غير إنكار.

وأصحُّهما، وهو الذي أورده أكثرُهُمْ: أنه يجب الضمان، ووجوبُ الضمانِ لا ينحصُر في التقصير (١) والتعدِّي، بل الارتفاق بالطريقِ مشروطٌ بسلامة العاقبة، كما قدَّمناه، وربَّما وجه بأن طرح القمامات إلى الشارعِ معدُودٌ من مرافق الأملاك، وفي المنع منه مشقَّة؛ فأشبه نصب الميزاب.

وذكر وجه ثالث؛ أنه يفترق بين أن يلقيها عَلَى متن الطريق، فيتعلَّق به الضمان، وبين أن يلقي في طرف ومنعطَفٍ لا ينتهي إليه المارَّة غالبًا، قال الإِمام: والوجه عندنا القطْعُ بوجوب الضمان، إذا ألقاها على متْنِ الطريق، وتخصيصُ الخلافِ بالإلقاءِ على الطرف.

ولك أن تقولَ: قد يوجد بين العماراتِ مواضعُ معدَّة لإلقاء القمامات فيها، تسمَّى تلك المواضعُ السُّبَاطاتِ والمَزَابِلَ، وتعدُّ من المرافق المشتركةِ بين سُكَّان البقعة، فيشبه أن يقطع بنفي الضمان، إذا كان الإلقاءُ فيها، فإنه استيفاءُ (٢) منفعةٍ مستحَقَّة، وتخصيص الخلافِ بالإلقاءِ في غيرها، وإذا أوجبنا الضمان، فذلك إذا كان المتعثِّر بها جاهلاً، أما إذا مشَى عليها قصدًا، فلا ضمان؛ كما لو نزل البئرَ، فسقط، ولو رش الماء في الطريق، فزَلَقَ به إنسان أو بهيمةٌ، نُظِر؛ إن كان الرشُّ لمصلحة عامَّة؛ كدفع الغبار عن المارَّة، فليكن كحفر البئر للمصلَحَة العامَّة، وإن كان لمصلحةِ نفسِهِ، وجب الضمان، ويمكن أن يجيء فيه الوجهُ الآخَرُ المذكورُ في طرح القشُورِ، ولو جاوز القدْرَ المعتادَ في الرشِّ، ففي "التتمة" القطعُ بوجوب الضمان (٣)، وهو كما ذكرنا فيما إذا بَلَّ الطِّينَ في الطريق.


(١) سقط في ز.
(٢) في ز: استثناء.
(٣) قال في الخادم: ما ذكره في الرش للمصلحة العامة من تنزيله منزلة الحفر يقتضي أنه لا يجب الضمان فيه سواء أذن الإِمام أم لا وهو في هذا التنزيل تابع للإمام والغزالي لكن الذي صرح به الأصحاب وجوب الضمان منهم الصيمري والماوردي والشيخ أبو حامد والمحاملي وابن الصباغ وحكاه في الذخائر عن إطلاق العراقيين. وقال في التتمة: إنه الصحيح؛ وأخذ في الخادم كلام الأذرعي وحكى الأذرعي عن ابن الرفعة أن محل ما ذكرناه من الضمان إذا لم يبرأ التالف بما =

<<  <  ج: ص:  >  >>