للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتضرب في سنة، سواء فيه الحُكُومَاتُ والمُقدَّرَاتُ. وإن كان الوَاجِبُ أَكْثَرَ من الثلث، ولم يزد على الثلثين، كَقَطْعِ إحدى اليدين، فَتُضْرَبُ في سنتين، يُؤْخَذُ في آخر السنة الأُولَى ثُلُثُ الدية، وفي آخر السَّنَةِ الثانية الباقي.

وإن كان أَكْبَرَ من الثلثين، ولم يزد على دِيَةِ النفس كما في قَطْعِ اليَدَيْنِ، فَيُضْرَبُ الوَاجِبُ في ثلاث سنين.

أما إذا اعْتَبَرْنَا المِقْدَارَ، فلأن الواجب في قَطْعِ اليدين قَدْرُ الوَاجِب في النفس، أما إذا اعْتَبَرْنَا كَوْنَ الواجب بَدَلَ النَّفْسِ، فلأن الوَاجِبَ في اليَدَيْن، وإن لم يكن بَدَلَ النفس، لكنه كَبَدَلِ النَّفْسِ في القَدْرِ والجِنْسِ، فكذلك في المُدَّةِ. وإن زاد على دِيَةِ النَّفْسِ، كما إذا قطع يَدَيهِ ورِجْلَيهِ، فإن اعْتَبَزنَا المِقْدَارَ، ضَربْنَا الوَاجِبَ في ست سنين.

وإن اعتبرنا حُرْمَةَ النَّفْسِ فوجهان:

أظهرهما: أن الواجب كذلك؛ لأنه بَلَغَ الوَاجِبُ دِيَتَيْنِ، فإذا ضَرَبْنَا مِقْدَارَ دية (١) في ثلاث سنين، وجب أن تَضعُفَ المُدَّةُ في مقدارِ دِيَتَيْنِ.

والثاني: لا تزاد المُدَّةُ على الثَّلاَثِ؛ لأن الأَطْرَافَ تَابِعَةٌ للنَّفْسِ، فلا تزاد مُدَّةُ بَدَلِهَا، وَبَدَلُ يَدَي المرأة كَبَدَلِ نَفْسِهَا، وبدل إحدى يديها يضرب في سنة واحدة بلا خلاف.

وقوله في الكتاب: "وهي مَائَةٌ من الإِبِلِ" مسْتَغْنى عنه في هذا المَوْضِعِ؛ لوضوحه، وتَبَيُّنِهِ (٢) بما مَرَّ.

وقوله: "فلو وجب مَائتَانِ من الإِبِلِ" أي: قَدْرُ مائتين بالقيمة.

وقوله: "وقلنا يحمل" إشَارَةٌ إلى الخِلاَفِ في أن بَدَلَ العَبْدِ، هل تحمله العَاقِلَةُ؟ وليعلم قوله: "تحمل" بالميم والألف لما بَيَّنَّاهُ.

ونَظْمُ الكتاب يَقتَضِي تَرْجِيحَ الضَّرْبِ في ثلاث سنين، ويُحْكَى اختياره عن القاضي أبي حَامِدٍ. والأَشْبَهُ بما قتل في سائر اَلصور تَرْجِيحُ الوَجْهِ الآخر.

وقوله: "وتضرب دِيَةُ اليَهُودِيِّ في سَنَةٍ" مُعْلَمٌ بالألف، ويجوز أن يُعْلَمَ بالحاء؛ بناء على أن عنده ديته كدية المسلم.

وقوله: "وَدِيَةُ المرأة في سَنَتَيْنِ" بالحاء والألف.

وقوله: "نظراً إلى القتل أو إلى أن الثلاثة الأنْفُسِ"؛ أشَارَ به إلى ما ذَكَرْنَا أنها مَضْرُوبَةٌ في تسع سنين، إن اعتبرنا القدر، وكذا إن لم نَعْتَبِرْهُ على وجه؛ لأن النُّفُوسَ لا


(١) في ز: ديتين.
(٢) في ز: وتبييه.

<<  <  ج: ص:  >  >>