للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولَأَنَّا لو أَوْجَبْنَا قِيمَةَ الغُرَّةِ، لم نَأْمَنْ أَنْ تَبْلُغَ دية كاملة، وتزيد عليها.

والثاني: أن المَعْدُولَ إليه عند الفَقْدِ القِيمَةُ، كما لو غَصَبَ عَبْدًا، فأَبقَ أو تَلِفَ، ويقال: إن هذا مُخَرَّجٌ من تَقْوِيمِ الإِبِلِ في الدية إذا فقدت، وكذلك حُكِيَ عن الشيخ أبي حَامِدٍ وغيره أنه القول الجَدِيدُ، وأن مُقَابِلَهُ، وهو التقدير بخمس من الإِبِلِ القَدِيمُ، وعن الفَوْرَانِيِّ عَكْسُهُ.

والطريق الثاني: القَطْعُ بوجوب خَمْسٍ من الإِبِلِ، وإذا قلنا به، وفقدت الإبل، فكان (١) كما لو فُقِدَتِ الإبِلُ في الدية، فعلى الجَدِيدِ يجب قِيمَتُها، وعلى القديم يجب خَمْسُونَ دينارًا، أو ستمائة درهم (٢).

وقوله في الكتاب: "ودون خمس عشرة" يجوز أن يُعلَمَ لفظ "خمس عشرة" بالواو لِلْوَجْهِ الذي ذكرناه (٣) في التَّحْدِيدِ بالعِشْرِينَ في حَقِّ الغُلاَمِ أيضًا.

وقوله: "لأنا عند الفَقْدِ نرجع إلى خمس من الإبِلِ في القول الجديد" يشير إلى بِنَاءِ الوَجْهَيْنِ في أنه هل تُعْتَبَرُ نَفاسَتُهُ بالقيمة؟ على القولين في أنه هل يُرْجَعُ عند العَقْدِ (٤) إلى بَدَلٍ (٥) مُقَدَّرٍ، وهو متوجّه، وجعل الرجوع إلى خَمْسٍ من الإِبِلِ القول الجديد يوافق ما ذكرناه (٦) عن الفَوْرَانِيِّ.

[وذكرنا] (٧) أن منهم من يَقُولُ: إنه القول القَدِيمُ، كما أن الرُّجُوع إلى المقدر عند فِقْدانِ الإبِلِ هو القول القديم، وفي الجديد يرجع إلى القِيمَةِ من غير تَقْدِيرٍ، وعلى هذا، فالمسألة مما يرجح فيه القديم؛ لأنهم جعلوا الأظْهَرَ الرُّجُوعَ إلى خمس من الإِبِلِ [والله أعلم].

قال الغَزَالِيُّ: ثُمَّ تُصْرَفُ الغُرَّةُ اِلَى الجَنِينِ وَهُوَ الأُمُّ والعَصَبَةُ، وَتَلْزَمُ عاقِلَةُ الجَانِي إِذْ لا يُمْكِنُ أنْ يَكُونَ قَتْلُ الجَنِينِ عَمْدًا إِذْ لا تُتَيَقَّنُ حَيَاتُهُ بِحَالٍ، وَأَرْشُ أَلَمِ الأُمِّ يَنْدَرجُ تَحْتَ الغُرَّةِ إِنْ لَمْ يَبْقَ شَيْنٌ، فَإنْ بَقِيَ وَجَبَ حُكُومَةُ الشَّينِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: في هذه البقية مسألتان:


(١) في أ: كان.
(٢) ما ذكره من خمسين دينارًا هو المذكور في "الشامل" و"التهذيب" وغيرهما، لكن في "اللباب" للمحاملي قدره العلماء بسبعين دينارًا.
(٣) في أ: ذكره.
(٤) في أ: العقد.
(٥) في ز: بدر.
(٦) في ز: نقلناه.
(٧) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>