للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القتيل أثرُ جُرْح أو تخنيق" ولك (١) أن تمحو هذه العلامة؛ [لأنه] (٢)، وإن شرط ذلك في القسامة، فلا نجعله مبْطِلاً لِلَّوْث، بل لا اعتبار باللوث عنده، والقسامة عنده على خلاف ما هي عنْدنا، كما مَرَّ، ولو لم يوجَدْ أثرٌ أصلاً، قال الصيدلانيُّ وصاحبُ التتمة: فلا قسامة، لاحتمال أنه مات فجأةً, والأصل أن غيره لم يتعرَّض له، وقال الإِمام: إذا صودِفَ ميِّتٌ لا أثر [عليه] أصلاً، وقد قيلَ: الأخذ على الأنف إلى انخناق النفَسُ يُسوِّد وجه الميت، ويثور الدم صَعَداً، فإذا لم يظهر أثرٌ، فالحمل على الموت الوفاقي ممكنٌ، فهذا فيه بعْضُ النظر، وإذا فاضتِ النفْس، فقد ينعكس الدم إلى مقرِّه، والأمرُ محتملٌ، والعلْم عند الله، وهذا السياق يُشْعر بأن الظاهر أنه لا يعتبر ظهور الأثر أصلاً، وكذلك ذكر القاضي الرويانيُّ, والمتوجَّه ما مرَّ.

ولا بد أن يُعْلَم أنه قتيلٌ، ثم يبحث عن القاتل، وإذا وُجدَ بعض الشخْص في المحِلَّة، وتُحقَّق موته، ثبتت القسامة، سواءٌ وجد منه الرأس أو البدَن، وسواءٌ وجدَ الأقل [من البدن] (٣) أو أكثر، فإذا وجِد بعضُه في محِلَّة، والبعض في أخْرَى، فللوليِّ أن يعيِّن، ويقسم. وعند أبي حنيفة: إن وُجِدَ الرأس أو معْظَم البدن، ثبتت القسامةُ، وإلا، فلا قسامة.

قال الغَزَالِيُّ: الرُّكْنُ الثَّانِي: كَيْفِيَّةُ القَسَامَةِ وَهُوَ أَنْ يَحْلِفَ المُدَّعِي خَمْسِينَ يَمِيناً مُتَوالِيَةً فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ بَعْدَ التَّحْذِيرِ والتَّغْلِيظِ فَلَوْ كَانَ فِي مَجْلِسَيْنِ فَوَجْهَانِ، فَإِنْ قُلْنَا: تَجِبُ المُوَالاةُ فَإِنْ جُنَّ ثُمَّ أَفَاقَ يُبْنَى لِلْعُذْرِ، وَلَوْ عُزِلَ القَاضِي اسْتَأْنَفَ، وَلَوْ مَاتَ فِي أَثْنَائِهِ اسْتَأْنَفَ الوَارِثُ، وَلاَ قَسَامَةَ فِي غَيْبَةِ المُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى أَحَدِ الوَجْهَيْنِ؛ لأَنَّهَا ضَعِيفَةٌ بِخِلافِ البَيِّنَةِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: أيمانُ القسامةِ خمسونَ على ما روَيْناه في الخَبَر، وكيفية اليمين كما في سائر الدَّعاوَى، ويَذْكُر المدعي في اليمين؛ لقد قَتَل هَذَا، ويشير إليه أو يقول: لقد قتل فلان بنُ فُلان، ويرفع [في] نسبه أو يُعَرِّفه بما يمتاز به من قبيلةٍ أو صناعة أو لَقَبٍ، ويعرِّفه كذلك منفردًا بقتله، وإن ادعَى على اثنَيْنِ، فإن قتلاه منفردَيْن بقتله نصَّ الشافعيُّ -رَضِي اللهُ عَنْهُ- على ذكر الانْفراد، واختلفَ الأصحابْ فيه، فمنْ قائل إنه تأكيد وإلا فقضية قوْلنا قَتَل فلانُ فلاناً انفرادُه به، ومِنْ قائل؛ إنه شرْطُ، لجواز الانفراد بالقتل في الصورة مع الاشتراك في حكم القتل، كالمكره مع المكره، ويتعرض لكونه عمدًا أو خَطَأً، وذكر الشافعيُّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أنه لو ادَّعى الجاني أنه برئ من الجراح، زاد


(١) في ز: ذلك.
(٢) سقط في ز.
(٣) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>