للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَحْلِف المنْفَرِد؟ فيه القولان السابقان، والتوزيع عليْهِم يكونُ بقدْر المواريث كما مرَّ.

بقيتْ مسألة في الفصْل، وهي ما إذا كان مع المدَّعي شاهدٌ واحدٌ، وأراد أن يتحد يحْلِف معه، فإن قلْنا: اليمين مع الشاهدَيْن في دعْوَى الدم، قال في الكتاب: "فإن شهدَ على اللَّوْث، حلَف معه خمسين يميناً، وإن شهد على القَتْل، حلَف معه [يميناً] (١) واحدة"، ولك أن تقُولَ: قد يُشْعر الطرف الأول بالاكتفاء في اللَّوْث بشَاهِدٍ واحدٍ، وما ينْبَغي أن يَكْتَفِي به القاضِي، فإنَّ قوْل الواحدِ لا يصلُح مثبتاً, وما لم يثبت اللَّوْث عنْد القاضي، لا يُمْكنه البدايةُ بتحْليف المدَّعِي، فكان المعنى إتيانَ الشاهِدِ بما يفيد اللوْث بأنْ أخبر عن القتل، ولم يأتِ بصيغة الشهادة، ولم يحافِظْ على شروطها، ولم يأتِ بما هو سبيلُ الشهادة، ولكنْ لفْظُه في "الوسيط" تعبيراً عن هذا الطَّرَف، وإن جاء بصيغة الإخْبار أو شهِد على اللَّوْث، فيحلف معه خمسين يميناً، وهذا يَصُدُّ عن التأويل المذْكُور.

وأما الطَّرَف الثاني، فإذا حافَظَ الشاهدُ على شروط (٢) الشهادة، وأتى بصيغتها، فيحْلِف المدَّعِي معه يميناً واحدةً.

قال الإِمام: ويثبت المال، إن كان القتْل خطأً, وإنْ كان المدَّعِي قتلاً عمداً، فلا يثبت القصاص، وإن قلْنا: يتعلق القصاص بأيمان القسامة، وفي ثبوت المالِ خلافٌ، سيأتي إن شاء الله تعالى نظيرُه، وأما إذا قلْنا في دعوى الدم: تتعدَّد اليمين مع الشاهد فلا بد من خمسين يميناً بكل حال، وقوله [في الكتاب] (٣) "ففي تعدَّده خمسين قولان" يجوز أن يُعْلَم لفْظ "القولين" بالواو؛ لأن في "جمع الجوامع" للقاضي الرويانيِّ حكايةُ طريقةٍ قاطعةٍ؛ بأن يمين المدعَى عليه، إذا لم يكن لَوْث يتعدَّد، وكذا قوله "ويجريان في الأطراف"؛ لأنه يخرج مما ذكرنا في ترتيب الطَّرَف على النفْس طريقةٌ قاطعة بأن أيمان الأطْراف لا تتعدَّد، وكذا قوله "مع أن القَسَامة لا تَجْرِي فيها" لوجه ذَكَرْناه من قبل.

وقوله "فلو نقص، ففي التوزيع قولان" أي نقَص أرْش الطَّرَف عن قدْر الدية [والله أعلم].

قال الغَزَالِيُّ: الرُّكْنُ الثَّالِثُ فِي حُكْمِ القَسَامَةِ وَلا يُنَاطُ بِهَا القِصَاصُ عَلَى الجَدِيد، بَل الدِّيَةُ مِنَ الجَانِي إنْ حَلَفَ عَلَى العَمْدِ، وَمِنَ العَاقِلَةِ إنْ حَلَفَ عَلَى الخَطَأِ، وَإِنْ نَكَلَ عَنِ القَسَامَةِ وَنَكَلَ المُدَّعَى عَلَيْهِ عَنِ اليَمِينِ فَفِي تَمْكِينِهِ مِنَ اليَمِينِ المَرْدُودَةِ قَوْلاَنِ، وَكَذَا إِذَا نَكَلَ عَنِ اليَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ وَعَادَ إِلَى اليَمِينِ المَرْدُودَةِ.


(١) سقط في ز.
(٢) في ز: شرط.
(٣) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>