للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي "المهذب" نسبةُ هذا القول إلى أبي إسحاق من غَيْر زيادةِ أخذْ الحصَّة، وكيْف ما قُدِّر، فهو ضعيفٌ، وإذا ادَّعَى القتْل على ثلاثة في محلِّ اللوث، والحاضرُ منهم واحد، فإن قال: تعمَّدوا جميعًا، أقْسَمَ على الحاضر خمسين يميناً، ويأخُذ ثلْث الدية من ماله على الجديد، وعلى القديم؛ له القصاص منه، ثم إذا قَدِم أحد الغائبين فإن أقَرَّ اقتص منه، لان أنكر أقسم عليه المُدَّعي، وكم يَحْلِف؟ فيه وجهان: ويُقال قولان:

أحدُهما: خمْساً وعشرين يميناً؛ لأنهما لو كانا حاضرَيْن، لأقسم.

الثاني: خمسين عليهما جميعًا، فحصَّة الواحدِ من الخمسين النصْف.

وأصحُّهما: أنه يحْلِف خمسين أيضًا؛ لأن الأيمان السابقة لم تتناولِ الثانيَ، هكذا أطلقُوه، وينبغي أن يكون هذا على الخلافِ السابقِ في جواز القَسَامة في غيبة المدَّعِي، فإن جوَّزناها، وذكَره في الأيمان السابقة فينبغي أن يُكْتَفَى (١) بها، ثم إذا حَلَف عليه، عادَ القولان الجديدُ والقديمُ [ثم] (٢) إذا قَدِم الثالثُ، فأنكر فكم يحْلِف عليه؟ فيه الخلافِ، وإنْ قال: تعمَّد هذا الحاضرُ، وكان الغائبان مُخْطِئَيْن، فيُقْسِم على الحاضرِ، ولا يقتص منه قولاً واحدًا، وإذا حَضَر الآخران وأنْكَرَا، فكم يحْلِف عليهما، ففيه الخلافُ، وإن أقرا وصدقتهما العاقلةُ، فالدية على العاقلة، وإن كذَّبتهما، ففي مالهما مخففة وإن قال: تعمَّد الحاضر، ولا أدْري أتعمَّد الغائبان أم أخطأ أقْسَم على الحاضرِ خمْسين، وأخَذ منه ثلثَ الدية على الجديد، وعلى القديم يوقَفُ الأمْر إلى أن يحضرا الغائبان، [فإن] حضَرا، واعْتَرَفا بالتعمُّد، اقتُصَّ منهما، ويقتص من الأول أيضًا على القديم، وإن قالاَ قتلْناه خطأً، وجَبَتِ الدية المخففة علَيْهما، إن كذَّبْتهما العاقلة، وعلى العاقلة، إن صدَّقَتْهما، وإن أنكرا أصْلَ القتل، فهل يُقْسِم المدَّعي؟ فيه الوجهان المذكوران فيما إذا ادَّعَى القتل وظهر اللوث فيه، ولم يذْكر أنه عمْدًا وخطأ.

والأظهر: أنه لا يُقْسِم وينسب الثاني إلَى أبي إسحاق، قال: وإذا أقسم عليهما؛ فَيُحْبَسان حتى يصفا القَتْلَ وكم يَقْسِم عليهما فيه الخلاف. ولو ادَّعَى القتْلَ على رجلَيْنِ، وعلى أحدهما لوْث دون الآخر، يقسم المدَّعي على الذي عليه اللوث خمسين، وفي الاقتصاص منه القولان، ويَحْلِف الذي لا لوث عليه.

المسألة الثانية: إذا أنكل المُدَّعي عن القسامة في محلِّ اللَّوْث يَحْلِف المُدَّعَى عليه، كما مَرَّ؛ فإن نَكَلَ، فهل تُرَدُّ اليمين على المدعي؟ نقل الأئمة، منهم صاحب "التهذيب" و"التتمة": أنه إذا ادعَى قتلاً يوجب القصاص، وقلنا: إن القسامة لا يناط بها القصاص، فتُرَدُّ اليمينُ على المدَّعي بلا خلاف؛ لأنه يستفيد بها ما لا يستفيد بأيْمان


(١) في ز: فيكتفي.
(٢) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>