للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أوَّلاً ثم وافقه الصحابة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ- أجمعين، فعلى هذا يُشْتَرط أن يكون ذلك الواحدُ مُجْتَهِداً، وأن يكون في العَدَد المعتَبَر على الوجوه السابقة مجتهدٌ؛ لينظر في الشروط المعتبرة، هل هي حاصلةٌ فيمن يولُّونه؟ ولا يُشْترط أن يكون الكُلُّ مجتهدِينَ.

والوجه السادس، وهو الأصحُّ: أن المعتبر بيعةُ أهْل الحلِّ والعقْد من العلماء والرؤساء، ووجوهِ النَّاس الذين يتيسَّر (١) حضورهم؛ لأنه ينتظم الأمر (٢) برأيهم واتفاقهم، ويتبعهم سائر الناس، ولا يُشْترط اتفاقُ أهل الحلِّ والعقْد في سائر البلاد والأصقاع، بل إذا وصل الخَبَر إلى أهل البلاد البعيدة، فعليهم الموافقة والمتابعة (٣)؛ وعلى هذا، فلا يتعيِّن للاعتبار عددٌ بل لا يُشْترط العدَدُ، فلو تعلَّق الحلُّ والعقْد بواحدٍ مطاعٍ، كفَتْ بيعته لانعقاد الإمامة، ولا بد أن يكون الَّذين يبايِعُون بصفاتِ الشهودِ، وفي "البيان" ذَكَر وجهين "في أنه هل يُشْتَرط أن تكون البيعةُ بحضور (٤) شاهِدَيْن ويُشْتَرط في انعقاد الإمامة أن يجيب (٥) الذين يبايعونه، فإن امتنع، لم تَنْعَقِد إمامته، ولم يُجْبَرْ عليها (٦).

والثاني: استخلافُ الإِمام مِنْ قَبْلُ، وعَهْدُه إليه، كما عهد أبو بكر إلى عُمَر -رَضِيَ الله عَنْهُمَا (٧) - وانقعد الإجماعُ على جوازه، قال صاحب "التهذيب": والاستخلاف أن يَجْعَلَه (٨) خليفةً في حياته، ثم يخلفه بعد موته، ولو أوصَى له بالإمامة مِنْ بعد موته (٩)، ففيه وجهان؛ لأنه بالموت يخْرُج عن الولاية، فلا يصحُّ منه توليه الغير، ولك أن تقول، أولاً: هذا التوجيهُ يُشْكِل بكل وصايةٍ، ثم ما ذكره مَنْ جعله خليفة في حياته، إما أن يريد به استنابته، فلا يكون هذا عهداً (١٠) إليه بالإمامة، أو يريدَ


(١) كما بايَعَت الصحابة أبا بكر رضي الله عنهم. (الأحكام السلطانية ص ٦).
(٢) في ز: الأمور.
(٣) في أ: والمبايعة.
(٤) قال النووي الأصح: لا يشترط إن كان العاقدون جمعاً، وان كان واحداً، اشترط الإشهاد، وقد قال إمام الحرمين في كتاب "الإرشاد": قال أصحابنا: يشترط حضور الشرهود لئلا يدعي عقد سابق، ولأن الإمامة ليست دون النكاح، لكن اختيار الإِمام انعقادها بواحد، وذكر الماوردي أنه يشترط في العاقدين: العدالة والعلم والرأي، وهو كما قال.
(٥) في ز: نجنب.
(٦) قال النووي: إلا أن يكون من يصلح إلا واحد، فيجبر بلا خوف.
(٧) بقوله بسم الله الرحمن الرحيم أما عهد أبي بكر خليفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند آخر عهده من الدنيا وأول عهده بالآخرة في الحالة التي يؤمن فيها الكافر ويبقى فيها الفاجر إني استعملت عليكم عمر ابن الخطاب، فإن بر وعدل فذاك علمي به وعلمي فيه وإن جار وبدل فلا علم لي بالغيب والخير أردت ولكل امرئ ما اكتسب وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
(٨) في ز: يجعل.
(٩) سقط في ز.
(١٠) في ز: عمداً.

<<  <  ج: ص:  >  >>