للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأظهرهما: المنع؛ لأنه أقر بِكُفْره، فلا يُورَّثُ منه، وعلى هذا، فقولان:

أحدهما: أنه فَيْءٌ يُجعل في بيتِ المال بموجب إقراره.

وأظهرهما: أنَّه يوقَفُ ويُسْتَفْصَل، فإنْ فصَّل وذَكَرَ ما هو كُفْرٌ صُرِف إلى الفيْء، وإنْ ذكر في التفْسير ما لَيْس بِكُفْر صُرِفَ إليه، هكذا نقل (١) صاحب الكتاب، ولو قال أحدُهما: مات كافراً؛ لأنَّه كان يشرب الخمر، ويأكل لحم الخنْزير، فقد حكي في التهذيب، فيه قَوْليْن:

أحدهما: أنه لا يُوَرَّثُ [منه] لإقراره بكفره.

والثاني: يُوَرَّثُ؛ لأنه [فسَّره] (٢) بما يبين خطأ اعتقاده، وهذا أظهر.

الثانية: إذا تلفَّظ الأسير بكلمة الكفْر مكرهاً، لم يُحْكم بكفره؛ على ما مرَّ، فإن مات هناك، ماتَ مسلماً، وورثه ورثته المسلمون، وإن رجع إلى دار الإسلام، بإفلات وغيره، عرض عليه الدينُ وكلمة الإسلام؛ لاحتمال أنه كان مختاراً فيما أتى به، وإن جرتْ صورةُ الإكراه.

ثم (٣) فيه كلماتٌ:

إحداها (٤): أطلَقَ كثرهم العرْضَ، وشرطَ له القاضي ابن كج [أنه (٥) لا يَؤُمُّ] الجماعاتِ، ولا يُقْبِل على الطاعات بَعْد العَوْد إلَيْنا، فإن فعل ذلك، استغنينا عن العَرْض.

الثانية: هذا العرْض واجبٌ أو مستَحَبٌّ؟ سَكَتَ عنه المعظَم، وذهب ابن كج إلى أنه مستحَبٌّ، واحتج له بأنه لو أُكْرِه على الكُفْر في دار الإسلام، لا يُعْرَض عليه الكلمة بعْد زوال الإكراه؛ باتفاق الأصحاب.

الثالثة: إذا امتنع بعْد العرض، فالمنقول أنه يُحْكم بكُفْره ويستدل بامتناعه على أنه كان مختاراً يوم التلفُّظ وقضيةُ هذا أن يحكم بكُفْره من يومئذ، قال الإِمام: وفي الحكْم بكفره احتمالٌ ظاهرٌ؛ لأنا إذا حَمَلْنا الأمر في الابتداء على ظاهر الإكراه، وأدَمْنا الإسلام، فامتناعه عن تجديد الكلمة لا يَنْبغي أن يغيِّر حكم الإسلام، وإذا مات قبْل العَرْض والتلفظ بكلمة الإسلام، فهو كما لو مات قبل أن يعُودَ إلينا، وعن رواية أبي الحُسَيْن بن القطَّان وجْهٌ أنه يموت كافراً، وكان مِنْ حقِّه إذا جاء [أن] يتكلَّم بكلمة الإسلام.


(١) في ز: فضل.
(٢) في أ: تفسير.
(٣) في ز: و.
(٤) في ز: إحداهما.
(٥) في ز: أن يوم.

<<  <  ج: ص:  >  >>