للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعند أبي حنيفة تصرُّف المرتدِّ موقوفٌ، إن أسلم، نَفَذَ، وإن التحق بدار الحرب أو قتل، فباطل.

وعلى الأقوال كلها، لا يُعْتَق بالردَّة مُدَبَّر المرتد، ولا أُمُّ ولده (١)؛ لأن المدَبَّر [معلَّق] (٢) عتقه بالمَوْت لفظاً، ولم يوجَدْ، وعتق المستولَدَة يتعلَّق باليأس عن الاستفراش، ولم يَحْصُل، فإنْ هَلَكَ على الردَّة، قال في "التتمة": تعتق المستولُدَة علَى الأقوال كلِّها؛ لأنها لا تَقْبَل التصرُّف ونَقْلَ المِلْك، وأما المُدبَّرِ فسيأتي [ذكره] (٣) في "باب التدبير" (٤) فإن قلْنا، يزول ملكه بالردَّة أو قلنا إنه موقوفٌ، فلا يعتق ويَسْقط التدبير (٥)، وإن قلْنا: لا يزول ملكه إلى الموت، فيعتق المدَّبر، ويكون كما [لو] (٦) دبَّر ذَميٌّ عبداً ومات.

ولا فرق في جميع ما ذَكَرْنا بين أن يلتحق المرتدُّ بدار الحرب، وبين أن يكون في قبضة الإِمام.

وعند أبي حنيفة: التحاقه بدار الحَرْب كموته، حتى يُورَثَ مالَهُ على أصْله، وفي توريث المرتدِّ حتى يُعْتَق مدَبَّره وأمُّ ولده، قال: فإن عاد، رُدَّ ماله إليه، ولا يُرْفَع العتق.

وعلى الأقوال يُوقَف مالُ المرتدِّ بأن يوضَعْ عنْد عدْل، وتجعل أمته عند امرأة ثقة؛ لأنا وإن قلنا ببقاء ملكه فقد تعلَّق به حقُّ المسلمين، فيحتاط ويؤَجَّر عقاره ورقيقه، ومدَبّره [ومستولدته] ومكاتبه يؤَدِّي النجوم إلى الحاكم، وإذا التحق بدار الحرب، ورأَى الحاكمُ الحظَّ في بيع الحيوان، فَعَل، وإذا ارتدَّ، وعليه ديْنٌ مؤجلٌ، فإن قلْنا: يزول ملْكه، فيحل الأجل كما لو ماتَ، وإن قلنا: لا يزول، لم يحل، وإن قلنا بالوقف، فإن عاد إلى الإسلام، بان أنه لم يحلَّ، وإن (٧) استولد [جاريته]، نفذ الاستيلاد، إن أبقينا ملكه، وإن أزلْناه، لم ينْفُذ، فإن أسلم، فقولان، كما لو استولد المشتري الجاريةَ المشتراةَ في [زمان] (٨) الخيار، وقلْنا: الملْك للبائع، فتم البيع، وليعلَمْ من لفظ الكتاب قولُه "على قول" أولاً وثالثاً بالواو؛ لما ذكرنا أن بعْضَهم نفَى القول الأول، وأن بعضهم قَطَع بالقول الثاني.

وقوله "فيُقْضى ديونُه وينفق عليه في مُدَّة الردَّة" يجوز إعلامهما بالواو أيْضاً، وقضاء الديون القديمة والإنفاق عليه لا يختصان بقول زوالِ المِلْك، وإن ذكرهما في


(١) في ز: الولد.
(٢) في أ: يتعلق.
(٣) في ز: حكمه.
(٤) في ز: التديين.
(٥) في ز: الديون.
(٦) سقط في ز.
(٧) في ز: ولو.
(٨) في أ: زمن.

<<  <  ج: ص:  >  >>