للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُحْصَنُ، لم يبطُلْ إحصانه، حتى لو زنى في الردَّة بعْد ما رَجَعَ إلى الإِسلام، فعليه الرجْمُ، وقال أبو حنيفةَ، يبْطُل الإحصان بالردَّة، ولا، يعود إلا بإصابة جديدة بَعْد الإِسلام.

وقوله في الكتاب "إذا رضي بحكمنا" يجوز أن يعلم بالواو؛ لما ذكرنا في "كتاب النكاح" أنا إذا قلْنا "يجب الحُكْم بين الذميين، إذا ترافَعُوا إلينا، فإذا أقر الذميُّ بالزنا، يُقَام عليه الحدُّ جبراً، وإنما يعتبر الرضَا، إذا قلْنا: لا يجب الحكْم بينهم وبيَّنَّا أن الأكثرين رجَّحوا قول الوجوب. وقوله " [ولا يُجْلَدْ] على الشُّرْب" أي وإن رَضِيَ بحكْمنا؛ لأنه لا يعتقد تحريمه.

وقوله "على الأظهر" ليعتقد رده إلى الصورتين، وهما مكررتان من بعد مشروحتان إن شاء الله تعالى.

قال الغَزَالِيُّ: أَمَّا قَوْلُنَا: إيلاَجُ فَرْجٍ في فَرْجٍ فَيَتَنَاوَلُ اللِّوَاطَ وَهُوَ يوجُبُ قَتْلَ الفَاعِلِ وَالمَفْعُولِ عَلَى قَوْلٍ (ح)، وَالرَّجْمَ بِكُلِّ حَالٍ عَلَى قَوْلٍ، وَالتَّعْزِيرَ عَلَى قَوْلٍ، وَهُوَ كَالزِّنَا عَلَى قَوْلٍ، وَإتْيَانُ الأَجْنَبِيَّةِ فِي دُبُرِهَا لِوَطٌ، وَالغُلاَمُ المَمْلُوكُ كَغَيْرِ المَمْلُوكِ عَلَى الأَصَحِّ، وَالمِلْكُ فِي الجَارِيَةِ وَالزَّوْجَةِ شُبْهَةٌ لِأَنَّهَا مَحَلُّ الاسْتِمْتَاعِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: القيد الثاني: إيلاج الفَرْج في الفَرْج، فيدخل فيه اللواطُ، وهو من الفواحش؛ وقال الله تعالى: {إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ} [العنكبوت: ٢٨] وقال عَزَّ منْ قائل: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} [الأعراف: ٣٣]. ثم إن لاَطَ بذكر، ففي عقوبة الفاعل أقوالٌ:

أحدها: أن عقوبته القتْلُ محصَناً كان أو لم يكن؛ لما روي عن ابن عباس -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- أن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَنْ وَجَدَتُّمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ، فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَاَلْمَفْعُولَ بِهِ" (١) وعلى هذا، ففي قتله وجوهٌ:


= الصحيحين من حديث ابن عمر.
(فائدة) تمسك الحنفية في أن الإِسلام شرط في الإحصان، بحديث روي عن ابن عمر مرفوعاً وموقوفاً: من أشرك بالله فليس بمحصن، ورجح الدارقطني وغيره الوقف، وأخرجه إسحاق بن راهويه في مسنده على الوجهين، ومنهم من أول الإحصان في هذا الحديث بإحصان القذف.
(١) رواه أحمد وأبو داود واللفظ له، والترمذي وابن ماجة، والحاكم والبيهقي من حديث عكرمة، عن ابن عباس، واستنكره النسائي، ورواه ابن ماجة والحكم من حديث أبي هريرة، وإسناده أضعف من الأول بكثير، وقال ابن الطلاع في أحكامه: لم يثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه رجم في اللواط، ولا أنه حكم فيه، وثبت عنه أنه قال: اقتلوا الفاعل والمفعول به، رواه عنه ابن عباس =

<<  <  ج: ص:  >  >>