للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن كان فيه بولٌ، فقد طرد في "البيان" فيه الوجهين، وقياس ما في "المهذب" و"التهذيب" القطع بالوجوب؛ لأنهما قاساه وجْهَ الوجُوب عليه، وحكَى صاحب "البيان" وجهين في وجوب القطع بسرقة ما يستهان به كقُشُور الرمان، وهو بَعِيدٌ [والصواب القطع بالوجوب].

الثانية: إذا سرق شيئاً من آلات الملاهي؛ كالطنبور والمِزْمار، وفي معناهما الأصنامُ، فينظْر؛ إن كان لا يبلغ بعْد الكسر والتغيير نصاباً فلا قطْع (١)، ولا عبرة بما يبذله الراغب فيه؛ للتأليف المحرَّم، وإن كان يبْلُغ بعد الكسر والتغيير نصاباً، فوجهان:

أحدهما: أنه لا قطع أيضاً؛ لأنه من آلات المعْصِية، فأشبه الخمر، وأيضاً، فإنه غير محرَّز؛ لأن كل [أحد] مأمورٌ بإفساد آلات الملاهي، ويجوز الهجومُ على الدُّور لكَسْرها وإبطالها، وأيضاً، فإنه لا يجوز إمْساكها، فهي كالمغصوب، يُسْرَق من حرز الغاصب.

والثاني: يجب القطْع؛ لأنه سَرَقَ ما يبلغ نصاباً من الحرْز، ويجري الخلافُ فيما إذا كان علَيْه من الذَّهَب أو الفضَّة ما يبلُغ نصاباً، والأظهر عند أبي الفرج الزاز، والإمام الوجْه الأول، وعند الأكثرين منْهم العراقيُّون، والقاضي الرويانيُّ الثاني، [و] (٢) قال الإِمام: ويتجه أن يقال: يختلِفُ الحكم باختلاف القصْد فإن قصد السَّرِقَةَ، ففيه الوجهان، وإن قَصَد بإخراجها أن يُشْهِر تغْييرَهَا وإفسادها، فمنقطع بأنه لا يُقْطَع، وهذا هو قضية كلامِ الأصحاب، فليجعل بياناً لما أرسلوه لا احتمالاً خارجاً عن المنقول، ولَو كَسَر ما أخذه في الحرز، ثم أخرجه، وهو يبلغ نصاباً، فقد قَطَع قاطعون بوجوب القَطْع، وفي "المهذَّب" ما يقتضي إثبات الخلاف؛ لأنه حكى ثلاثة أوجُهِ، ثالثُها، وبه قال ابن أبي هريرة: أنه، إن أخرجه بعد الفصل والتغيير، قُطِعَ، وإن أخرجه قبله، لم يُقْطَع.

وأما الأواني الذهبيَّةُ - والفضيَّةُ (٣)، ففي "المهذب" و"التهذيب": أنه يجب بسرقتها القَطْع؛ لأنها تُتَّخذ للزينة لا للمعْصية، والوجْهُ وهو المذكور في "البيان" [أنه] يبني ذلك على أنه، هل يَجُوز اتِّخَاذُها؟ إن قلنا: يجوز، فيجب بسرقتها القطْع، وإن قلنا: لا يجوز، فهي كآلات (٤) الملاهي، وهذا ما أورده الإِمام، لكنه رأَى نفْي القطْع بعيداً، ويُمْكِن أن يُعلَم قوله في الكتاب "ولا على سارق الطنبور" بالحاء (٥)، لأن في "جَمع


(١) والضابط أنه لا قطع فيما سلط الشرع على كسره.
(٢) سقط في ز.
(٣) في ز: والفضة.
(٤) في ز: كالأب.
(٥) في ز: بالواو.

<<  <  ج: ص:  >  >>