للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجهان، وإلَى بعض هذه الجُمَل يشير قولُه في الكتاب "ففي دخولِ الثيابِ تحْت يده نَظَرٌ (١) " إلى آخره، ويجوز أن يُعلَم قوله "لم يدخل" وقوله "تدخل" كلاهما بالواو؛ لما حكيناه عن كلام الإِمام، والظاهر أنَّه لا تثبت السرقةُ وأن ما مع الحُرِّ لا يدخل في يد الحامل؛ لأن يد المحمول ثابتةٌ على ما معه، ولذلك نقولٌ: ما يُوجَدُ مع اللقيط يُحْكم بكونه في يده.

ولو سرق حَلْياً من عُنُقِ صَبيٍّ أو سرق ثيابه، وجب القَطْع، وإنما يكون ما معه محرَّزاً، إذا كان العبد الصغيرُ في نفْسه محرَّزاً، وقد بيَّنَّاه، ولو سرق قلادةً من عنق كَلْبٍ أو سرَقَها مع الكلب، وجب القطْع، وحِرْزُ الكلب لِحرْز [الدوابِّ] (٢).

قال الغَزَالِيُّ: (الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي مَحَلِّ المَنْقُولِ إِلَيْهِ) وَلاَ يُقْطَعٌ بِالنَّقْلِ مِنْ زَاوِيَةِ الحِرْزِ إلَى زَاوِيَةٍ أُخْرَى، وَلَوْ نَقَلَ مِنَ البَيْتِ إلَى صَحْنِ الدَّارِ وَهُوَ أَيْضاً مُحَرَّزٌ فَثَلاَثَةُ أَوْجُهٍ يُفْرَقُ فِي الثَّالِثِ بَيْنَ مَا إِذَا كَانَ العَرَصَةُ حِرْزاً لَهُ وَمَا لَيْسَ حِرْزاً لَهُ، وَلَوْ أَخْرَجَ مِنْ حُجْرَةِ الخَانِ إِلَى العَرَصَةِ فَهُوَ كَعَرَصَةِ الدَّارِ إِذَا كَانَ مُحَرَّزاً وَإِلاَّ فَكَالشَّارعِ إِنْ لَمْ يَكُنْ مُحَرَّزاً، وَالسِّكَةُ المُنْسَدَّةُ الأَسْفَلِ كَالشَّارعِ لاَ كَعَرَصَةِ الخَانِ، وَعَرَصَةُ الخَانِ أَيْضاً حِرْزٌ لِبَعْضِ الأَمْتِعَةِ أَيْضاً لَكِنْ فِي حَقِّ السُكَّانِ لَيْسَ بِحِرْزٍ، وَلاَ قَطْعَ عَلَى الضَّيْفِ إِذَا سَرَقَ إِذْ لَيْسَ مُحَرَّزاً عَنْهُ، وَكَذَا الجَارُ إِذَا سَرَقَ مِنْ طَرَفِ حَانُوتِ الجَارِ حَيْثُ يُحَرَّزُ بِلِحَاظِ الْجِيرَانِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: نقْلُ المتاع من بعْضِ زوايا الحِرْز إلى بَعْضِ لا يوجب القَطْع، ولو نقل من البيتِ إلى صحْنِ الدار، ولم يَخْرُج من الدار، فيُنْظَر؛ إن كان باب البيت مغلَقاً، وبابُ الدار مفتوحاً، وجب القطْع؛ لأنه أخرجه من حِرْزِه، وجعَلَه في محلِّ الضياع، وإن كان باب البيت مفتوحاً وباب الدار مغلقاً، فلا قطْع، ووجِّه بأن إحراز المتاع، والصورةُ هذهِ، بباب الدار، وهو مغلَقٌ كما كان، فالنقل من البيت إلى العرصة، كهو من زاوية إلى زاوية، [وهذا] التوجيه على ما هو قضيةُ كلام الإِمام، إنما يستمر في المتاع الذي تَكُون عرصةُ الدار حرزاً له، فإن كان مما لا يُحرَّز بالعرصة، فإنما لا يجب القَطْع؛ لأنه ليس محرَّزاً في نفْسه، فإنَّ البيت المفتوح بابه كالعرصة، وإن كان البابان مغلَقَيْن معاً، ففي وجوب القطع وجهان:

أحدهما: يجب؛ لأنه أخرجه من حِرْزه.

وأظهرهما، ويروى عن نصه في رواية الربيع: المَنْع؛ لأنه لم يَخْرُج من تمام


(١) في ز: يظن.
(٢) في أ: الدابة.

<<  <  ج: ص:  >  >>