للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"هَلاَّ سَتَرْتَهُ بِثَوْبِكَ يَا هُزَّاْلُ". فلما تركوا المندوب، استحقوا التغليظ. وقوله في الكتاب "وللقاضي أن يستر على السارق" وقد [يقرأ] "أن يشير" وله وجه. وقوله "بإنكار السرقة" ليُحمَل على السرقة الموجبة للقطع، ولا [يحثه] على إنكار ما يوجب المال على ما [تبين] (١). وقوله " [يحثه] (٢) على" الرجوع ليُعلَم بالواو.

فرع: قال الإِمام في قوله -صلى الله عليه وسلم-: "فَلْيَسْتَتِرْ بِسَتْرِ اللهِ" دليل على أنه لا يجب على من قارف موجب حد، أن يظهره للإمام. وكان يقطع به شيخي وفيه احتمال إذا قلنا: إن الحد لا يسقط بالتوبة.

قال الْغَزَالِيُّ: وَالحُجَّةُ الثَّالِثَةُ لِلسَّرِقَةِ الشَّهَادَةُ وَتَثْبُتُ بِرَجُلَيْنِ، وَلَوْ شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأتانِ ثَبَتَ الغُرْمُ دُونَ القَطْعِ، وَلاَ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى السَّرِقَةِ مُطلَقاً بَلْ لاَ بُدَّ مِنَ التَّفْصِيلِ، وَكَذَا شَهَادَةُ الزِّنَا أمَّا القَذْفُ المُطْلَقُ فَمُوجِبٌ للْحَدِّ، وَالإِقْرَارُ بِالزِّنَا المُطْلَقِ فِيهِ خِلاَفٌ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: فيه مسألتان:

إحداهما: يثبت القطع بشهادة رجلين ثبوت سائر العقوبات وشهادة الزنا هي التي خصت بمزيد العدد، ولا يثبت برجل وامرأتين كسائر العقوبات، وإذا شهد بالسرقة رجل وامرأتان، أو شاهد واحد، وحلف المدعي معه يثبت المال، وإن لم يثبت القطع. كما لو علق الطلاق أو العتق على الغصب، و [على] (٣) السرقة، وشهد رجل وامرأتان على الغصب، أو السرقة ثبت المال. ولا يُحْكَم بوقوع الطلاق، ووقوع العتق. هذا هو الظاهر. ومنهم من قال: في ثبوت المال في السرقة قولان وجه المنع أنه لم يثبت أحد موجبي السرقة، فكذا الثاني. وربما ألحق بما إذا شهد على القتل العمد رجل وامرأتان، فإنه لا يثبت القصاص، ولا الدية. وفرق بينهما على المذهب بأن القتل لا يوجب القصاص والدية جميعاً. وإنما [يوجب أحدهما] (٤) فلا يتعين بالشهادة واحد منهما. والسرقة توجب القطع والغرم جميعاً، فما قامت حجته [بعينهما] (٥) ثبت.

المسألة الثانية: لا تُقبَل الشهادة على السرقة مطلقاً؛ لاختلاف المذاهب فيها. وفي شروط تعلق القطع بها. فلا بد وأن يبين السارق بالإشارة إلى عينه إن كان حاضر، أو يذكر اسمه ونسبه بحيث يحصل [التمييز] إن كان غائباً (٦). ويكفي عند


(١) في ز: سبق.
(٢) في ز: يجب.
(٣) سقط في ز.
(٤) في ز: يثبت إحداهما.
(٥) في ز: منها.
(٦) في ز: لضرورة.

<<  <  ج: ص:  >  >>