للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الرَّافِعِيُّ: قَطْعُ الطريق يَثْبُتُ بشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ، ولا يثبت بشهادة رَجُلٍ وامرأتين، ولا بد في الشَّهَادَةِ من التفصيل وتعيين (١) قَاطِعِ الطريق، ومن قتله أو أَخَذَ مَالَهُ، وتقاس صُوَرُهُ بما مَرَّ (٢) في الشهادة على السَّرقة، ولو شهد اثْنَانِ من الرُّفْقَةِ، نظر إن لم يَتَعَرَّضَا [لِقَصْدِ] (٣) المشهور عليه نفسًا ومالاً قبلت شَهَادَتُهُمَا، وليس على القاضي أن يَبْحَثَ عن حَالهما أَهُمَا من الرُّفْقَةِ أم لا؟ فإن بحث (٤) فلهما ألاّ يجيبا (٥)، وأن يقيما على الشَّهَادَةِ، وإن قالا: قطع هذا، أو هؤلاء علينا الطَّريق فأخذوا مَالَنَا، وَمَالَ رُفَقَائِنَا لم تقبل شهادتهما [في حق أنفسهما ولا في حق غيرهما] وهذا هو المشهور المذكور في الكتاب.

وفي شرح القاضي ابن كَجٍّ أن أبا الحُسَيْنِ حَكَى عن بَعْضِ الأَصْحَابِ أن في قَبُولها في حَقِّ غيرهما قولين كالقَوْلَيْنِ فيمن شَهِدَ لنفسه وشَرِيكِهِ ترد شهادته لنفسه، وفي الشريك قولان، وكذا لو قَالَ الشَّاهدان [: إن] (٦) فلانًا قَذَفَ أُمَّنَا فُلاَنَة، لا تقبل شَهَادَتُهُمَا في حَقِّ الأُمِّ، وفي الأجنبية قولان، وفَرَّقُوا على ظاهر المَذْهَبِ بأنهما بالشَّهَادَةِ على قَطْعِ الطريق أثبتا (٧) أن العَدَاوَةَ بينهما وبين من شَهِدَ عليه بِشَهْرِ السِّلاَحِ عليهما، وقَصْدِهِ نَفْسَهُمَا وَمَالَهُمَا، وشهادة العَدُوِّ علي العَدُوِّ مَرْدُودَةٌ على الإطلاَقِ. وفي صُوَرَتَي القولين شهادته في حَقِّ نفسه، وفي حَقِّ الأُمِّ مَرْدُودَةٌ لِلتُّهْمَةِ، ولم تُوجَدِ التُّهْمَةُ بالإضافة إلى الأجنبي، فَبَعَّضْنَا الشَّهَادَةَ وقبلناها في حَقِّ الأجنبي على قول ونظير ما نحن فيه من القَذْفِ أن يقولا: قذفنا وفلانة لا تقبل شهادتهما أَصْلًا. وعن المَاسَرْجِسِيِّ وغيره أنه لو شَهِدَ اثْنَانِ بِوَصِيَّةٍ لهما فيها نصيب أو إِشْرَافٌ لم تقبل شَهَادَتُهُمَا بجميعها، وإن قالا: نشهد بها سوى ما يَتَعَلَّقُ بنا من المَالِ والإشراف قبلت شهادتهما.

فرع: يحسمُ موضع القَطْعِ من يد قَاطِع الطريق ورجله، كما مَرَّ في السارق، ويجوز أن تُحْسَمَ اليَدُ، ثم تقطع الرَّجْلُ، وأنَّ يقطعا جميعًا ثم [يحسما] (٨) آخر: في "الرقم" لِلعَبَّادِيِّ بِنَاء وُجُوبِ الكَفَّارَةِ عَلى قاطع الطريق، على أن قتله حَدٌّ مَحْضٌ (٩)، أو يراعى فيه معنى القِصَاص، إن قلنا بالثاني، فعليه الكَفَّارَةُ (١٠). والله أعلم. [وهذا تَمَامُ الكلام في قَطْعِ الطريق] (١١).


(١) في ز: ويعتبر.
(٢) في ز: تمام.
(٣) سقط في ز.
(٤) في ز: تحب.
(٥) في ز: أن يجنبناه.
(٦) سقط في ز.
(٧) في ز: يظهر.
(٨) في ز: يقطعا.
(٩) في ز: للمحصن.
(١٠) قال الشيخ البلقيني: ما قاله العبادي ممنوع فإنا وإن قلنا حد فقد قتل نفسًا محترمة فيجب عليه الكفَّارة على القولين وهو مقتضى إطلاق الشَّافعي والأصحاب.
(١١) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>