للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَرَامٌ" (١) والفَرَقُ بفتح الراء مِكْيَالٌ يَسَعُ ستة عشر رَطْلاً.

وعن عمر -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أنه قال [في خُطبَتِهِ] (٢): نَزَلَ (٣) تَحْرِيمُ الخَمْرِ وهي من خمسة أشياء: العِنَبِ والتَّمْرِ والحِنْطَةِ والشَّعِيرِ والعَسَلِ (٤). ثم قال الأصحاب: عَصِيرُ العِنَبِ الذي إذا اشْتَدَّ، وَقَذَفَ بالزَّبَدِ، فهو حَرَامٌ بالإجماع، وما يروى عن قُدَامَةَ بن مَظْعُوَنٍ، وعمرو بن مَعْدِ يَكرِبَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُما- في تحليله، فقد ثَبَتَ رجوعهما عنه، ولا فَرْقَ بين قَلِيلِهِ وكثيرِهِ [المُسْكِرِ،] (٥) ويفسق شاربه، ويجب (٦) عليه الحَدُّ، وإن اسْتَحَلَّهُ كَفَر، ولم يستحسن الإمَامُ إِطْلاَقَ القَوْلِ بتكفير المستحلّ، وقال: كيف يكفر من خَالَفَ الإجماع، ونحن لا نُكَفِّرُ من رَدَّ أصل الإِجْمَاعِ، وإنما نبدعه (٧) ونُضَلِّلُهُ (٨)، وأوَّل ما ذَكَرَهُ الأصحاب على ما إذا صدق المجتمعينَ على [أن] (٩) التحريم ثابت (١٠) في الشَّرْع، ثم حلله، فإنه يكون رَادًا للشرع (١١)، وهذا إن صَحَّ، فليجر مِثْلُهُ في سائر ما حَصَلَ الإِجْمَاعُ على افْتِرَاضِهِ، أو تحريمه فَنَفَاهُ.

وعَصِيرُ الرُّطَبِ النَّيء كعصير (١٢) العِنَبِ النَّي كذلك ذَكَرَهُ صاحب "التهذيب" وطائفة. وحكى الرُّوَيانِيُّ ذلك عن بعضهم، واسْتَغْرَبَهُ، (١٣) ورأى كَوْنَهُ بِمَثَابَةِ سائر الأَشْرِبَةِ، وأما سائر الأَشْرِبَةِ فهي في التحريم، و [في] وجوب الحَدِّ عندنا كَعَصِيرِ العِنَبِ، لكن لا يكفر مُسْتَحِلُّهَا لمكان الخلاف (١٤) وساعدنا مَالِكٌ وأحمد على مذهبنا،


(١) رواه ابن ماجة من حديث سلمة بن دينار عن ابن عمر، وفي إسناده ضعف وانقطاع، ورواه أبو داود والترمذي وابن ماجة أيضًا من حديث جابر، لكن لفظه: ما أسكر كثيره، فقليله حرام، حسنه الترمذي، ورجاله ثقات، ورواه النسائي والبزار وابن حبان من طريق عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن قليل ما أسكر كثيره، وفي الباب عن علي وعائشة وخوات ابن جبير وسعد، وعبد الله بن عمرو وابن عمر وزيد بن ثابت، فحديث علي: في الدارقطني، وحديث عائشة سيأتي بعده، وحديث خوات، في المستدرك، وحديث سعد: في النسائي، وحديث ابن عمرو: في ابن ماجة، والنسائي أيضًا، وحديث ابن عمر وزيد في الطبراني.
(٢) سقط في ز.
(٣) في ز: يزال.
(٤) متفق عليه من حديث ابن عمر عن عمر، وفي آخره: والخمر ما خامر العقل، ورواه أحمد في مسنده عن ابن عمر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من الحنطة خمر، ومن الشعير خمر، ومن التمر خمرٌ، ومن الزبيب خمر، ومن العسل خمر".
(٥) سقط في ز.
(٦) في ز: ويحد.
(٧) في ز: يندعه.
(٨) في ز: ويطلله.
(٩) سقط في ز.
(١٠) في ز: بانت.
(١١) في ز: للمشروع.
(١٢) في ز: للذي له عصير.
(١٣) في ز: وليستغربه.
(١٤) قال الشيخ البلقيني: هذا يقتضي أن من استحل السكر منها أنه يكفر لأنه لا اختلاف بين العلماء =

<<  <  ج: ص:  >  >>