للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المشروع [كما سبق] (١) واحتجَّ له بأنهم حكموا في التي بَعَثَ إليها عمر -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- لِرَيبَةٍ (٢)؛ فأَجْهَضَتْ ذَا بَطْنِهَا [بوجوب] (٣) دية الجَنِينِ. وعن عَلِيٍّ -كَرَّمَ الله وَجْهَهُ- أنه قال (٤): ليس أَحَدٌ أُقِيمُ عليه حَدّاً، فيموت، فأجد في نفسي منه شَيْئاً أن الحَقَّ قتله إلا حَدَّ الخمر، فإنه [شيء] (٥) رأيناه بعد رسول اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فمن مات منه فَدَيْتُهُ إما قال: في بيت المالِ، وإما قال: على عَاقِلَةِ الإِمام -شَكْ فيه الشَّافعي -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- فَدَلَّ على أن ما أُقِيمَ بالرَّأْيِ والاجتهاد إذا أَفْضَى إلى تَلَفٍ، تَعَلَّقَ به الضَّمَان.

وَذُكِرَ وَجْهٌ: أنه لا ضَمَانَ إذا عُزِّرَ لِحَقِّ الآدمي بِنَاءً على أنه وَاجِبٌ إذا طلب المُسْتَحِقُّ، فصار كالحَدِّ.

وعند أبي حَنِيْفَةَ: لاَ ضَمَانَ في التعزير، وربما بنى ذلك على أنه يَجِبُ التَّعْزِيرُ عنده. وعن مَالِكٍ: أنه إذا عَزَّرَهُ تَعْزِيرَ مِثْلِهِ، لم يجب الضَّمَانُ.

وكما يجب الضمان فيما إذا أَفْضَى تَعْزِيرُ الإِمام إلى الهَلاَكِ، يجب في تعزير الزوج والمُعَلمِ، ولا فرق بين أن يَضْرِبَ المعلمُ الصَّبِيَّ بإذن أبيه أو دون إِذْنِهِ.

نعم لو كان مَمْلُوكاً، فضربه بإذن سَيِّدِهِ، قال في "التهذيب": لا ضَمَانَ؛ لأنه لو أمر بِقَتْلِهِ فقتله، لم يجب الضَّمَانُ.

وقوله في الكتاب: "على كل [مُعَزِّر] " (٦) المراد: تَعَلّق الضَّمَان به، لا أنه يجب على المُعَزِّرِ نَفْسِهِ، وإنما تجب الدِّيَةُ على عَاقِلَةِ الزوج، والمُعَلِّمِ، وفي حق الإِمام يَجِبُ على العَاقِلَةِ، أو بَيْتِ المال، كما سيأتي إن شاء اللهُ تعالى. نعم مَن أَسْرَف وظهر منه قَصْدُ القَتْلِ تَعَلَّقَ به القِصَاصُ، والدِّيَةُ [المُغَلَّظَةُ في ماله].

قال الغَزَالِيُّ: (وَأَمَّا الحُدُودُ المُقَدَّرَةُ) فَمَنْ مَاتَ بِهَا فَالحَقُّ قَبْلَهُ فَلاَ ضَمَانَ، وَمَنْ مَاتَ بِثَمَانِينَ جَلْدَةً فِي حَقِّ الشُّرْبِ فَمَضْمُونٌ نِصْفُهُ، وَإِنْ مَاتَ بِأَحَدٍ وَأَرْبَعِينَ فَعَلَى قَوْل


(١) سقط في ز.
(٢) في ز: الزانية.
(٣) سقط في ز.
(٤) قال الحافظ في التلخيص: هو كما قال، رواه الشَّافعي من حديث علي بن أبي طالب، وأخرجه البيهقي من طريقه، لكن في سنده ضعف، وأصله في الصحيحين من حديث عمير بن سعيد عن عليّ أنه سمعه يقول: ما كنت لأقيم على أحد حداً فيموت، فأجد في نفسي منه شيئاً، إلا صاحب الخمر فإنه لو مات وديته، وذلك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يسنه، ورواه أبو داود بلفظ: لم يسن فيه شيئاً، إنما قلناه نحن، قال البيهقي: أراد والله أعلم أنه لم يسنه بالسياط، وقد سنه بالنعال، وأطراف الثياب، وقال المجد بن تيمية في الأحكام: معناه لم يقدره. قلت: ورواية أبي داود ظاهرة في تأويل المجد رحمة الله عليه.
(٥) سقط في ز.
(٦) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>