للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْهُ- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في وَصْفِ الفِتَنِ: "كُنْ عَبْدَ اللهِ المَقْتُولَ وَلاَ تَكُن عَبْدَ اللهِ القَاتِلَ" (١). وفي بعض الأخبار "كُنْ خَيْرَ ابْنَيْ آدَمَ" (٢) يعني قابيل وهابيل.

ومنع عثمان -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- عُبَيْدَةَ من الدَّفْعِ يوم الدَّارِ، وقال: من ألقى سِلاَحَهُ فهو حُرٌّ (٣)، واشتهر ذلك في الصحابة -رَضِيَ الله عَنْهُم- ولم ينكر عليه أحد.

وعن القاضي الحسين: الفرق بين أن يمكنه دفعه من غير أن يقتله، فيجب ولا يجوز الاسْتِسْلاَمُ للقتل، وبين ألا يمكنه دَفْعُهُ إلا بالقتل، فيجوز الاسْتِسْلاَمُ.

والقائلون بجواز الاستسلام منهم من يَزيدُ عليه، ويصفه بالاسْتِحْبَابِ أيضاً، وهو ظاهر الأَخْبَارِ، وإن كان الصِّيَالُ من مَجْنُونٍ، أَو مراهق فطريقان:

أحدهما: القطع بأنه لا يجوز الاسْتِسْلاَمُ؛ لأنهما لو قتلا لم يَبُوءَا بالإثم، فأشبها البَهِيمَةَ.

وأشبههما: طَرْدُ القولين؛ إِبْقَاءً للآدمي المحترم، ورضا بالشهادة، وإلى الطريقين يرجع قوله في الكتاب:


(١) قال الحافظ في التلخيص: هذا الحديث لا أصل له من حديث حذيفة، وإن زعم إمام الحرمين في النهاية أنه صحيح، فقد تعقبه ابن الصلاح، وقال: لم أجده في شيء من الكتب المعتمدة، وإمام الحرمين لا يعتمد عليه في هذا الشأن. انتهى، وقد أخرج مسلم من طريق أبي سلام عن حذيفة قال: قلت: يا رسول الله إنا كنا بشر، فجاءنا الله بخير فنحن فيه، فهل من وراء هذا الخير شر، قال: نعم، الحديث، وفيه: تسمع وتطيع وإن ضرب ظهرك، وأخذ مالك، فاسمع وأطع، وقد روى الطبراني من حديث شهر بن حوشب عن جندب بن سفيان في حديث قال في آخره: فكن عبد الله المقتول، ومن حديث خباب مثل هذا، وزاد: ولا تكن عبد الله القاتل، ورواه أحمد والحاكم والطبراني أيضاً وابن قانع من حديث حماد بن سلمة، عن علي بن زيد عن أبي عثمان عن خالد بن عرفطة بلفظ: ستكون فتنة بعدي، وأحداث واختلاف، فإن استطعت أن تكون عبد الله المقتول، لا القاتل، فافعل وعلي بن زيد هو ابن جدعان ضعيف، لكن اعتضد كما ترى.
(٢) رواه أحمد والترمذي من حديث سعد بن أبي وقاص أنه قال عند فتنة عثمان؛ أشهد أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إنها ستكون فتنة، القاعد فيها خير من القائم"، الحديث، وفيه: فإن دخل على بيتي، وبسط يده إليّ ليقتلني، قال: كن كابن آدم، ورواه أحمد من حديث ابن عمر بلفظ: ما يمنع أحدكم إذا جاء أحد يريد قتله أن يكون مثل ابن آدم، القاتل في النار، والمقتول في الجنة، وروى أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجة وابن حبان، من حديث أبي موسى الأشعري أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال في الفتنة: "كسروا فيها قسيكم وأوتاركم، واضربوا سيوفكم بالحجارة، فإن دخل على أحدكم بيته، فليكن كخير ابني آدم"، القشيري في آخر الاقتراح على شرط الشيخين.
(٣) قال الحافظ في التلخيص: لم أجده، وفي ابن أبي شيبة من طريق عبد الله بن عامر سمعت عثمان يقول: إن أعظمكم عندي حقاً من كف سلاحه ويده.

<<  <  ج: ص:  >  >>